بختام فعاليات معرض الدفاع العالمي في مدينة الرياض التي انعقدت في الفترة من الرابع من فبراير 2024 حتى الثامن منه، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، طويت النسخة الثانية من هذا المعرض الذي تقيمه الهيئة العامة للصناعات العسكرية، الذي بات قِبلة للقطاعات المتخصصة في مجال التصنيع العسكري والأمني على المستوى العالمي. فإضافة إلى ما حققه المعرض من نجاحات في نسخته الأولى التي شهدتها الرياض في عام 2023، فإن الملفات التي فتحتها نسخة 2024 حوت موضوعات سيكون لها شأنها الكبير في الساحة سواء على المستوى المحلي أو الدولي، فهي قد ضمت اهتمامات متعددة كان على رأسها الاهتمام بمستقبل الدفاع، ومجالات الابتكار في المجال، والتكنولوجيا ومدى تأثيرها المتوقع في الصناعات المتعلقة بالدفاع، والمستجدات المتعلقة بتمكين المرأة في المجالات التي تتناسب وقدراتها داخل المنظومات الدفاعية والأمنية. هذه المناسبة أضاءت معالم الطريق، وأجابت عن سؤال مهم هو إلى أين يسير العالم في مجال الدفاع والأمن، وما مدى استفادته من المعطيات الحديثة في ترسيخ المفهوم التصنيعي لأدوات الدفاع؟ فعالم اليوم ليس هو عالم الأمس، وعالم الغد لن يكون هو عالم اليوم، ولذلك فإن قاعدة اليوم هي مركز الانطلاق للغد، وهو ما أدركته هذه الفعالية العالمية الكبرى، والتي جاءت ترسيخاً للدور الدولي الذي تقوم به المملكة في عالم اليوم، وأداء للدور المطلوب على هدى رؤية 2030، والتي تَطرُق أبوابَ المستقبل بكل ثقة، لتكون المملكة وشعبُها على الدوام في مقدمة الركب العالمي. لقد جعلت التقنيات المتطورة مداخل المستقبل مُشرَعة أمام تغيرات نوعية هائلة في كل المجالات، لا سيما ما يتعلق منها بالشأن الدفاعي والأمني، فكان لا بد من لمام شتات العطاء الإنساني ووضعه في بوتقة واحدة، لينتظم مسار التسارع فيه، وتتعزز قوة الدفع الذاتي في الاتجاه الصحيح. ثم إن قطار الابتكار يواصل مساره المتسارع هو الآخر في المجالات كافة، ومنها الدفاع والأمن وما يستجد فيهما من عطاء العقل الإنساني، فلم يغب الأمر عن معرض الدفاع، فاتحاً ذراعيه ترحيباً بهذا المسار، وتشجيعاً له ليكون في خدمة الإنسانية، واستفادةً من مكنوناته، وكذلك إشراكاً لذوي الاهتمام في عمليات تطويره وإتاحة الفرصة لنمائه وازدهاره. أما ملف تمكين المرأة، الذي احتل مكانه البارز في أجندة المعرض، فقد فتح باب الاستفادة من التجربة الدولية في مشاركة المرأة بقطاعات الأمن والدفاع، ورفَد التجربة السعودية الجريئة والناجحة وهي تزيل كل العوائق التي تجعل من المرأة رقماً هامشياً في المجتمع، بعد أن سلحتها بالتأهيل المناسب، ومهدت لها كل الطرق التي تمكنها من المشاركة الفاعلة في مسيرة النماء الشامل، بل وأتاحت لها الفرصة لتقديم ما يمكنها تقديمه في مجالات الأمن والدفاع. كان رهان التمكين للمرأة هو أحد العناوين العريضة لرؤية المملكة 2030، فجاء المعرض لعكس هذه التجربة السعودية، والاستفادة من خبرات الآخرين ممن قطعوا أشواطاً كبيرة في هذه المجالات. هكذا قدم معرض الدفاع الدولي الثاني بالرياض الفرص الكبرى في تمتين الشراكات الدولية بميادين التصنيع وتبادل الخبرات والمعارف والاستفادة من التجارب، مثلما أسهم في تحقيق الإستراتيجيات الوطنية، وهو جهد ما كان له أن يتم لولا عمل كبير باشرته الهيئة العامة للصناعات العسكرية، والتي ظلت تتابع كل الملفات وتعمل على تقوية أركانها، فجاء المعرض في الصورة التي تليق بالمملكة وبعاصمتها الفتية الرياض.