شكل إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون بإنهاء بلاده وجودها في النيجر ضربة كبيرة لسياسة فرنسا في أفريقيا، حيث ستنهي وجودها العسكري في النيجر وتسحب سفيرها من البلاد نتيجة الانقلاب الذي أطاح بالرئيس المنتخب ديمقراطيا. وقال المجلس العسكري في النيجر ردا على ذلك، إن الإعلان يشير إلى «خطوة جديدة نحو سيادة» البلاد. و»لم تعد القوى الإمبريالية والاستعمارية الجديدة موضع ترحيب على أراضينا الوطنية. وإن حقبة جديدة من التعاون القائم على الاحترام المتبادل والسيادة جارية بالفعل. وجاء إعلان ماكرون بعد أن أصدر قادة الانقلاب بيانا في وقت سابق أنهم سيغلقون المجال الجوي للنيجر أمام الطائرات الفرنسية، التجارية والعسكرية، حتى تتمكن القيادة الجديدة من «استعادة السيطرة الكاملة على سمائها وأراضيها». وقال علي سيكو رمضان، مساعد رئيس النيجر المخلوع محمد بازوم، إن بازوم طلب من ماكرون سحب السفير الفرنسي سيلفان إيتي «من أجل تخفيف التوتر». مكافحة الإرهاب وذكر ماكرون، في مقابلة مع شبكتي «فرانس-2» و»تي إف 1» التلفزيونية، أنه تحدث إلى بازوم وأبلغه أن «فرنسا قررت إعادة سفيرها، وفي الساعات المقبلة سيعود سفيرنا وعدد من الدبلوماسيين إلى فرنسا». وأضاف: «وسننهي تعاوننا العسكري مع سلطات النيجر لأنها لم تعد ترغب في مكافحة الإرهاب بعد الآن». وأنه «سيتم سحب القوات تدريجيا، على الأرجح بحلول نهاية العام، بالتنسيق مع قادة الانقلاب لأننا نريد أن يتم ذلك سلميا». وقال، إن الوجود العسكري الفرنسي جاء استجابة لطلب من حكومة النيجر في ذلك الوقت. لكن التعاون العسكري بين فرنساوالنيجر توقف منذ الانقلاب. وزعم قادة المجلس العسكري أن حكومة بازوم لم تفعل ما يكفي لحماية البلاد من التمرد. ويخضع المجلس العسكري الآن لعقوبات من قبل القوى الغربية والإقليمية الإفريقية. مراقبة التطورات وقالت إنسا جاربا سيدو، الناشطة المحلية التي تساعد الحكام العسكريين الجدد في النيجر في اتصالاتهم، إنهم سيواصلون مراقبة التطورات حتى يغادر السفير الفرنسي البلاد. كما طالب بتحديد موعد نهائي واضح لانسحاب القوات الفرنسية. وأضافت: «هذا الإعلان من الرئيس الفرنسي يعلن انتصار شعب النيجر. ومع ذلك، سنتعامل مع الأمر بكثير من التحفظ لأنني لم أعد أؤمن بالسيد ماكرون». وأمهل المجلس العسكري في أغسطس السفير الفرنسي 48 ساعة للمغادرة. وبعد انتهاء المهلة دون أن تستدعيه فرنسا، رفع قادة الانقلاب حصانته الدبلوماسية. وفي نيويورك، اتهمت الحكومة العسكرية التي استولت على السلطة في النيجر، الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بعرقلة المشاركة الكاملة للدولة الواقعة في غرب إفريقيا في الاجتماع السنوي للأمم المتحدة لزعماء العالم من أجل استرضاء فرنسا وحلفائها. ويقول الخبراء، إنه بعد التدخلات العسكرية المتكررة في مستعمراتها السابقة في العقود الأخيرة، فإن عصر فرنسا ربما انتهى أخيرا، مع تحول أولويات القارة. خسارة الدعم وبين رضا لياموري، زميل بارز في مركز سياسات الجنوب الجديد، وهو مركز أبحاث مقره المغرب، إن النيجر ستشعر بخسارة الدعم الفرنسي في حربها ضد الجماعات المتطرفة العنيفة. وقال: «كانت فرنسا شريكاً موثوقاً يقدم الدعم لعملياتها، والنيجر ببساطة ليس لديها بديل لملء هذا الفراغ الذي خلفه الفرنسيون، على الأقل على المدى القصير والمتوسط». وسحب ماكرون العام الماضي القوات الفرنسية من مالي بعد التوترات مع المجلس العسكري الحاكم بعد انقلاب عام 2020، وأخيرًا من بوركينا فاسو، لأسباب مماثلة. وطلبت الدولتان الإفريقيتان مغادرة القوات الفرنسية. كما علقت فرنسا عملياتها العسكرية مع جمهورية إفريقيا الوسطى، متهمة حكومتها بالفشل في وقف حملة تضليل «ضخمة» مناهضة لفرنسا.