في اليوم الوطني من كل عام نحتفي بتاريخ ومسيرة وطن نعيش تطوره ونشهد منجزاته عبر عقود من الزمن، في كل يوم نسجل إضافات ملموسة، وفي كل عام نبني منجزات وكيانات كانت أحلاما نتمناها، وتطلعات استهدفناها حتى أصبحت حقيقة، كل عقد من الزمان هو مرحلة انتقالية ما بين عهد سابق بمكتسباته وعهد قادم بتطلعاته وآماله، كل يوم في تاريخ الوطن هو حصاد تراكمي لمنجزات قيادة رائدة نعتز بها، ولمكتسبات شعب طموح نفتخر به، بهما تشكلت صورة المملكة اليوم ورسمت خارطتها الحاضرة والمستقبلة، لتكون السعودية شعاراً لهويتنا الوطنية، ورمزاً لانتمائنا وولائنا، وتاجاً نفخر به على رؤوسنا وهاماتنا، وصورة تعكس حجم ونوع منجزاتنا. الوطن هو الروح التي تمثلنا والقلب الذي تنبض به أجسادنا، هو الأمن الذي نعيشه والدفء الذي يحتوينا، الوطن هو ذلك الحصن الذي يحمينا في الشدائد، والقلعة التي تصد عنا غوائل الأعداء وتقلبات الزمن بظروفه القاسية ورياحه العاتية، الوطن هو ملاذنا وملجأنا الأزلي وبيتنا الكبير الحاني الذي يجمعنا تحت سمائه وبين جنباته، فالوطن ليس أرضاً يابسة أو جبالا وسهولا نعيش عليها فحسب، وليس مكاناً نعمل فيه لنعيش، ولا جنسية ننتسب إليها للهوية والتبعية؛ الوطن هو كيان يجمعنا وشعور بالانتماء والولاء والعطاء يدفعنا، نعتز بسيادته وسموه وتقدمه، نفخر بقيمته وريادته، نعيش أحراراً بحريته وسؤدده، ونرتقي بتقدمه وتميزه. يحتفل الوطن ومواطنوه بيوم المجد والعزة، يوم الوحدة والقوة، نحتفي بتاريخ من العطاء والبناء، نفتخر بانتمائنا لوطن كلمة التوحيد شعاره، والقرآن الكريم والسنة النبوية منهاجه وشريعته، وطن امتد بخيره وعطائه ليشمل دولا وشعوبا قريبة وبعيدة، وطن يستشعر مسؤوليته الإنسانية وواجبه الديني، التعاون والدعم عند الحاجة ديدنه، والمساندة عند الشدة موقفه، والسعي نحو السلام هدفه ومبتغاه، هو وطن لكل الأوطان وملجأ لكل إنسان يحتاجه. توحيد المملكة يمثل مرحلة جديدة من تاريخ سكان شبه الجزيرة العربية، مرحلة توحدت فيها القبائل واجتمعت تحت مظلة وطن واحد يجمعها بعد عقود من الحروب والخلافات، فعَمّ الأمن والأمان وسادت الطمأنينة، فكانت بداية مسيرة البناء والنماء، وولادة السعودية الحديثة بقيادة مؤسسها جلالة -المغفور له - الملك عبدالعزيز، ومن بعده أبناؤه الذين تعاهدوا الوطن بالرعاية والحماية، وتحملوا مسؤوليته بكفاءة واقتدار ليكون فخر المواطن وعزه وحصنه المنيع ومنارته الشامخة. في اليوم الوطني نحتفي بمرحلة زاهرة من تاريخنا ونهنئ أنفسنا والوطن بعظمة البناء وتراكم العطاء والرقي، مرحلة شهدت تحولاً عميقاً وتغييراً جذرياً في كثير من مفاصل الحياة المؤسسية والاجتماعية والاقتصادية، بما استجد فيها من تشريعات وقوانين وتعديلات وما لحقها من تطوير مؤسسي وبنيوي واجتماعي، شهدنا تحولا وتجديدا يناسب ما نعيشه من تقدم وازدهار تنموي يشار له بالبنان، منجزات لا تقاس فقط بنوعها الذي طال جميع المجالات، ولا حجمها الذي استوعب مختلف المسارات وتجاوز كل التطلعات؛ وإنما في سرعة تحولها وجودة عطائها في فترة زمنية قياسية في جميع الاعتبارات العالمية، حتى أذهلنا العالم وأصبحنا مركز استقطاب رئيس عالمياً سياسيا واقتصادياً واجتماعياً. حب الوطن والولاء له والانتماء إليه لا يُفرض فرضا ولا يلُقّن درساً، فهو فطري ينبع من كل نفس سوية تستشعر قيمة الشراكة الإنسانية، جميع المواطنين الذين يعيشون على أرض الوطن هم شركاء في المغنم والمغرم، فلا مجال إلا للعمل المشترك من أجل البناء والعطاء، فما نقدمه من خير وإيجابيات نجني ثماره نحن والوطن معاً، وما يصدر من تجاوزات وسلبيات نحصد تبعاته نحن والوطن كذلك، الوطن هو هويتنا وهو رمزنا وهو سندنا الداعم والأرض التي نرتكز عليها، بجميع ما تحمله وتحتويه من مقدرات وإمكانات وموارد، وهو مستقبلنا، فهو المركب الذي يجمعنا على اختلافنا لنكون قوة متلاحمة تعزز من قيمة الوطن. المواطنون هم صمام الأمان الوطني، وهم دعامته التي يستمد منها قوته، بهم يزدهر الوطن ويتقدم وينافس غيره من الأوطان، وعلى أكتافهم ينهض الوطن وتبنى لبناته، وعليهم تُعقد الآمال وتتحقق الطموحات، وبعقولهم وأيديهم وجهودهم تنُجز الأهداف وتتبلور الإستراتيجيات والرؤى الوطنية في منجزات ملموسة، ومن المسؤولية الوطنية الاهتمام بمنجزاتنا والمحافظة عليها والحرص على استمراريتها ونمائها، ومن حب الوطن تمثيله بما يليق به في كافة محافله وفعالياته داخلياً وخارجياً، ومن احترام الوطن تقدير مكتسباته ومختلف مكوناته والاعتزاز بها، وبذلك تكون اللحمة الوطنية البناءة وعليها يستند النسيج المجتمعي الوطني في إطار من التسامح والحب والتعاون. احتفاؤنا بيومنا الوطني يحمل الكثير من المعاني والرسائل العميقة في مغزاها وفحواها، والتي تتجاوز به تلك الاحتفالات والمظاهر، معانٍ تدعو للمحافظة على أخوة الوحدة الوطنية كنموذج قامت على أساسه الدولة السعودية، يستشعر فيها المواطن مسؤوليته فيما أؤتمن عليه من مقدرات، وما يكلف به من مهام ومسؤوليات للمحافظة على مقدرات الوطن ومكتسباته، والعمل على تعزيزها وإنمائها ليستمر الوطن في عطائه المتميز وريادته المستحقة. المواطنة ولاء غير محدود لا يحجبه سقف ولا يمنعه حرمان ولا تُحجِّمُه مقارنات مغلوطة، هي ولاء لا ينتظر مقابلاً أو امتناناً، ولاء لكل شيء يُمثّل الوطن سواء في رمزيته وكيانه الجغرافي، أو في موارده ومقدراته المادية والبشرية، أو في تراثه وتاريخه وحاضره، أو في مستقبله ورؤيته وتطلعاته، ولاء لا يُقايض بثمن ولا يُشترى بمال، ولاء ليس له مقياس مادي أو وزن ملموس. المواطنة أن تعطي بسخاء ورضا وإخلاص وحب، عطاء لا يشوبه حقد أو أنانية، عطاء بإيثار بما تملك من قدرات وبما تستطيع بذله لوطنك ولإخوانك المواطنين، بما يفرضه عليك دورك كمواطن وموقعك كموظف بتحمل مسؤولياتك الوطنية والمهنية، بما يعزز من مكانة الوطن ويزيد من تميزه وريادته. في يومنا الوطني نستلهم ما منحنا الله من خيرات وفيرة يفتقدها الكثيرون، وما أسبغ علينا فيه من النعم الوفيرة، وما نُحسد عليه من نِعم الاستقرار والأمن والأمان، التي نتمتع بها في كل بقعة من أرض الوطن، لا يقدرها إلا فاقدها، نحمد الله على قيادة حكيمة وإدارة سديدة ورعاية أبوية حانية وريادة شابة سخرها الله لترفع راية الوطن والدين ولتقوده إلى العلياء والمجد، اليوم الوطني هو اليوم الذي تُضخ فيه دماء القوة وروح الفخر بالوطن، هو اليوم الذي تتجدد فيه معاني الشغف والانتماء والولاء، أن تفتخر بوطنك فذاك عزك وتلك قوتك، وطنك هو عزوتك وأهلك الذين تزهو بهم وتعتز وتفتخر. نحمد الله على قيادة حكيمة وإدارة سديدة ورعاية أبوية حانية وريادة شابة سخرها الله لترفع راية الوطن والدين ولتقوده إلى العلياء والمجد