ليس منا أحد لم يخطئ أحد في حقه أو يخطئ هو في حق أحد من الناس فالخطأ وارد لا محالة وهناك قاعدة شرعية: «ليس هناك أحد معصوم من الخطأ بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم»، لكن ردود الأفعال تتأرجح بين الرد بالمثل أو الحقد أو الهجر والقطيعة أو العفو والصفح وغيرها. قال تعالى مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرغبًا إياه في الصفح عن قومه (وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل). ذكر سبحانه الصفح الجميل بعد توكيد مجيء الساعة، وإن الصفح يا سادة لا يتميز ولا يفضُل على الرد بالمثل فحسب! بل إن الصفح يفوق درجة العفو بكثير، لذلك جاءت الآية بالترغيب فيه ووصفه «بالجميل». الصفح هو: ترك اللوم والتثريب على من تصفح عنه، وهو أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يعاقب ولكن لا يصفح، وإنما يثرّبه يلومه ويعنفه أثناء العفو، ولذلك قال تعالى (فاصفح الصفح الجميل). كم هو جميل أن تصفح وكم هو أجمل أن تجعل صفحك عمن أخطأ في حقك التماسًا لرضا الله تبارك وتعالى، مهما زين لك الناس الحقد وعززوا إحساس الانتقام والرد بالمثل، فإرضاء الناس غاية لا تدرك، ولن يجني من أرضاهم وأغضب الله إلا سخط الله الذي يسخط الناس عليه، أيضًا في الحديث (من التمس رضا الناس ولو بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن التمس رضا الله ولو بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس).