كثير منا قد يشعر أنه يتحدث وينصح ويحاول أن يفعل شيئًا ويحدث تغييرًا، ولكن لا حد يستمع أو ينصت إليه، إن الصوت البشري لا زال هو المؤثر الحقيقي حتى في أحداث حالات السلام وفي تأجيج الحروب، والأمثلة كثيرة، فهناك المهاتما غاندي، ونيلسون مانديلا، وهناك أيضا هتلر، وموسيليني، ونيرون، وغيرهم، ولكن لماذا الغالبية عندما يتحدثون بالمنطق فلا أحد يستمع إليهم فيشعرون بالإحباط وعدم الثقة بالنفس ويبدأون تدريجيًا في الابتعاد عن الحديث ومحاولة التغيير. يرى جوليان تريجر أن هناك أساليب وطرقًا علمية لمساعدة الناس على الحديث بشكل فاعل، وإقناع الآخرين بأفكارهم، ومن خلال استعراضه لتلك الطرق يؤكد على تجنب بعض الأخطاء التي قد تؤدي إلى نفور المستمعين وعدم الاقتناع بفكرة وفحوى الحديث. إن الخطأ الأول هو الحديث عن الآخرين بالسوء فالنميمة تجعل الآخرين لا يثقون بك، بل يعتقدون أنك يومًا ما ستتحدث عنهم بالسوء كما أن انتقاد الآخرين وتصيد أخطائهم لم يكن يومًا من الأيام وسيلة تقدم وثراء للعقلية البشرية. أما الخطأ الثاني فهو الحكم على الآخرين من فشلهم الأول، فجميعنا قد يفشل في البداية، ولكنه قد ينجح لاحقًا في تحقيق أهدافه وجميع الناجحين حاليًا مروا من خلال محطات الفشل ثم نهضوا من عثرتهم ونالوا مرادهم، وعليه فعلينا أن نستمع لحديث الأشخاص وكأننا نسمعه لأول مرة دون بناء القناعات والأحكام المسبقة بناء على تجارب سابقة، والخطأ الثالث الذي قد نقع فيه أن يكون حديثنا سلبيًا وفاترًا وغير محفز، فالأحاديث السلبية غالبًا لا ترى النور، ولا يكون لها قبول في عالم التفاؤل والمستقبل. ومن الأخطاء التي تجعل الآخرين لا يستمعون إليك عندما تكون شخصًا معروفًا بالتهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم والعتب على الآخرين، إن طبيعة البشر أن تثق وتستمع لذلك الشخص الذي يتمتع بالمصداقية والأمانة والشفافية، ويحمي فريقه من الوقوع في الأخطاء ويقودهم إلى النجاح والتميز. كذلك من الأخطاء التي تجعل الآخرين يعرضون عن حديثك والاستماع لك عندما تبدأ في تشويه الحقائق، وتصف الأمور بغير حقيقتها وتزخرف الأشياء، إن المبالغة في وصف الأشياء قد تؤدي إلى ضرر بالغ قد لا يمكن إصلاحه لاحقًا. ولعل من أكبر الأخطاء التي تجعل الآخرين لا يستمعون إليك هو الخلط بين الحقائق ووجهات النظر، فالآخرون قد لا يكونوا مهتمين بآرائك ونظرياتك، ولكنهم دائمًا يبحثون عن الحقيقة والمعلومة الصحيحة؛ ولهذا ولجعل المستمع يؤمن بما تقول ويستمع إليك جيدًا فعليك أولا تجنب الأخطاء السابقة في الحديث، ومن ثم تحري المصداقية في إعطاء المعلومة، وكذلك استخدام الأدوات اللازمة للإقناع من خلال لغة الجسد واختيار المفردات والأمثلة والقصص الملهمة، وأن تكون طبقة الصوت مناسبة فتتجنب الصوت العالي، وكذلك أن لا يكون صوتك خافتًا وغير مسموع للآخرين. وتكمن أهمية الحديث في طريقة سردة من خلال البداية القوية للدخول إلى الموضوع مرورًا بشرح الفكرة وانتهاء بخاتمة مميزة تكون كملخص لكل ما تريد إيصاله للآخرين، وأخيرًا لا بد من إظهار الاحترام والتعاطف والإنصات للفئة التي تتحدث إليها.