ذكر الدكتور أحمد الحسيني الشهري أستاذ علم الفيروسات السريري المساعد أن فيروسات الحمض النووي الريبي و من ضمنها الفيروسات التاجية ( فيروسات كورونا البشرية) غير مستقرة جينياً. الأمر الذي يزيد من احتمالية انتاج نسخ فيروسية متحورة من وقت لآخر و بالذات أثناء انتشار الفيروس بين أفراد المجتمعات و غياب قيود السيطرة المناسبة. فمثلا فإن بعض النسخ الفيروسية المكتشفة اختلفت عن فيروس كورونا الأصلي و المرصود في مدينة ووهان الصينية أواخر عام 2019 . فبعض متحورات فيروس كورونا تميزت بخصائص تركيبية متطورة و أصبح ارتباطها بالخلية التنفسية فائقاً. المتحورات المقلقة و بالذات متحور دلتا (B1.617.2) المرصود لأول مرة في الهند في أكتوبر 2020 و متحور أوميكرون (B.1.1.529) المتعدد البلدان في نوفمبر 2021 تميزت بسرعة انتشارها بين الأفراد و تسببها في فقد مزيد من الأرواح خصوصاً بين غير المحصنين أو المحصنين بجرعة واحدة. وأضاف أن وصول اللقاح و تحصين بلايين البشر بلقاحات كورونا لعب دوراً هاماً في إدارة أزمة كوفيد-19 على نحو أفضل. يتجلى ذلك الدور بوضوح في حماية المصابين من الأعراض الشديدة بعد الإصابة إضافة إلى تقليل الطلب على خدمات الرعاية الفائقة. الأمر الذي انعكس ايجاباً على انقاذ أكثر من 20 مليون مصاباً من المضاعفات المرضية التي تهدد الحياة. على الرغم من النتائج الذهبية للقاحات كورونا المعتمدة (الجيل الأول) في حفظ حياة المصابين إلا أن قدرة المتحورات على تجاوز الحماية المناعية المكتسبة بين المحصنين بجرعتين و أكثر، كلها حيثيات تستدعي التطوير المستمر لتلك اللقاحات المتوافرة بهدف الوصول لمواجهة أفضل للمتحورات الفيروسية. في نفس السياق، يرى بعض المتخصصين أن ردم الفجوات في أدوار لقاحات الجيل الأول التي تجلت مع ظهور المتحورات المقلقة سيكون أنجع من خلال تمكين تقنيات و منصات جديدة لجيل آخر من لقاحات كورونا و ليس الاعتماد على تطوير لقاحات الجيل الأول فقط. وأوضح الدكتور الشهري الفوائد الصحية المتوقع تحقيقها من الجيل الثاني من لقاحات كورونا بأنه مع الدور الأصيل للقاحات في تقليل التعرض للإصابات الشديدة و حفظ حياة الفئات الخطيرة من المضاعفات المرضية للإصابة (الهدف الذهبي)، فهناك أربعة فوائد نوعية تشجع على المضي قدماً في في تمكين الوصول لجيل آخر من لقاحات كورونا وهي كما يلي: 1- توفير استدامة مناعية أفضل تسهم بشكل فاعل في مواجهة متحورات فيروس كورونا. 2- تكوين حماية مناعية أكثر فاعلية بعدد جرعات أقل. 3- توفير مناعة واسعة النطاق ضد عدة فيروسات تاجية معاً و منها تلك التي يتوقع ظهورها مستقبلاً. 4- تحقيق دور جديد للقاحات في منع الإصابة بالعدوى أو انتقالها للآخرين. واختتم: إن تحقيق الهدف الذهبي من انتاج لقاحات كورونا لا يعني النهاية بل هو المحرك للبحث عن فرص إبداعية جديدة تسهم في تحقيق فوائد صحية غير مسبوقة للتحصينات الوقائية.