صندوق النقد الدولي يشكر السعودية على تسريع الدعم لسوريا    إعصار أزرق مدمر    أول الانتصارات    1507 حالات ضبط بالمنافذ    مسجد ال4 قرون يدخل مرحلة التطوير    إذا لم يدعك أصدقاؤك إلى الإفطار تغافل عنهم    أمير المدينة والنَّهضة الاقتصاديَّة    علماء الأمة في المدينة لتوثيق سيرة الشيخ بن صالح    انتهاء عهد بوستيكوجلو مع نوتينغهام فورست بعد كابوس دام 39 يوما    مدرب الأهلي يرفض الراحة بعد التعادل مع الشباب    سوريا: تفكيك خلية إرهابية في ريف دمشق    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (31.8) كجم "حشيش"    جمعية الإعاقة السمعية بجازان تنفذ ورش عمل تدريبية لفئة الصم بالتعاون مع بنك التنمية الاجتماعية    إتلاف أكثر من 69 ألف منتج فاسد في جدة    التحالف الإسلامي يطلق المبادرة العسكرية "كفاءة" في الغابون    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال69 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة    أمير جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الأديب إبراهيم مفتاح    لائحة لإنشاء الأوقاف وتمويلها عبر التبرعات    الهلال الأحمر بالقصيم ينقل مصاباً بالسكتة الدماغية إلى مستشفى بريدة المركزي عبر طائرة الإسعاف الجوي    الرضّع حديثو الولادة يتجاوبون مع اللغات الأجنبية    جمعية مرفأ للخدمات الأسرية تنظم "العيادة المجانية" للاستشارات النفسية والأسرية والقانونية بالتعاون مع شركة إثراء البينة وبيت الثقافة    هيئة الطرق توضح نظام ترقيم أنواع الطرق في المملكة    د. السليمان يدعو إلى رفع نسبة توطين "المختبرات الطبية" إلى 90%    نجاح لافت للنسخة الخامسة من "ليلة اللغات الأوروبية" في الرياض    تجمع الرياض الصحي الأول يواصل قوافله الطبية بوادي الدواسر    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى يوم إعادة الاستقلال    موسم جدة 2025 يطلق موجة الرعب والتشويق هورور كون    مسؤول أممي: الوضع الإنساني في غزة كارثي    المركزي الروسي يرفع سعر صرف الدولار إلى 80.98 روبلًا    انطلاق النسخة الرابعة من بطولة حائل الدولية لجمال الخيل العربية الأصيلة في نوفمبر المقبل    شارع السمحانية يجمع بين الطراز النجدي الأصيل والمعاصرة الحديثة    الشؤون الإسلامية بجازان تنظم محاضرة نسائية بقرية المدرك بعنوان «خطورة هجران القرآن الكريم» مساء اليوم    ضبط أكثر من (23) ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    تُعلن شركة معاهد طيبة العالية للتدريب عن استحواذها على أكاديمية "إلسو" لتعليم اللغة الإنجليزية (ELSO)    عمادة الدراسات العليا والبحوث تطلق برنامج "التمكين البحثي المتقدم" لتعزيز جودة البحث العلمي    أمانة الطائف تطرح حديقة الملك فيصل للاستثمار    البركة الخيرية" تخدم أكثر من 38 ألف مستفيد خلال الربع الثالث 2025    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    أكتوبر يجمع نجوم الصيف والشتاء في سماء عرعر    بحضور السواحه.. الطلاب السعوديون يحتفون بالبروفيسور عمر ياغي    يايسله مدرب الأهلي: أداؤنا غير متوقع أمام الشباب    مدرب الشباب: الحكم أهدى الأهلي ركلة جزاء    وزير الصحة يختتم مشاركته في أعمال الدورة 72 للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ حملة التطعيم ضد الانفلونزا الموسمية    خطيب المسجد النبوي: الدعاء سلاح المؤمن وسبيل الثبات في الشدائد    خطيب المسجد الحرام: العبد الموفق يعيش في خير لم يسأله ونعيم لم يتوقعه    سخاء المدني أول سعودية متخصصة في طب الفضاء والطيران    د. عبدالحق عزوزي يترجم القرآن إلى اللغة الفرنسية    هل استقام ظل لسلام الشرق الأوسط    سباق الذكاء الاصطناعي تنافس بلا خط نهاية يهدد التوازن العالمي    أمير منطقة جازان يطمئن على صحة الشيخ العامري    أمير القصيم يرعى حفل تخريج 167 حافظًا لكتاب الله    رئيس أمن الدولة يهنئ القيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    لضمان تنفيذ وقف النار.. استعدادات لنشر قوة دولية في غزة    العمري يبحث احتياجات أهالي صامطة    أمير مكة: مشروع بوابة الملك سلمان يعكس اهتمام القيادة بالتنمية في المنطقة    أمير تبوك يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة تأهل المنتخب لكأس العالم 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انتقال النظريات
نشر في الوطن يوم 20 - 01 - 2023

تنتقل الأفكار والنظريات - على غرار الناس ومدارس النقد - من شخص إلى شخص، ومن موقف إلى موقف، ومن حقبة إلى أخرى. وعادة ما تتعدى الحياة الثقافية والفكرية، على يد دورة الأفكار هذه، وتستمد منها أسباب الحياة والبقاء، وسواء اتخذت حركة انتقال الأفكار والنظريات، من مكان إلى آخر صيغة التأثير المعترف به، أم اللا واعي، وشكل الاقتباس، الخلاق، أم صورة الانتحال والاستيلاء بالجملة، فإنها تبقى في آن معًا، حقيقة من حقائق الحياة، تؤلف شرطًا، عادة، يؤدي توفره إلى قيام النشاط الفكري. بيد أنه ينبغي للمرء، عقب إطلاقه القول الأسبق، أن يمضي نحو تعيين خصائص الأنواع الممكنة لحركة الانتقال، من أجل طرح السؤال عما إذا كانت فكرة، أو نظرية ما تكتسب القوة، أو تخسرها، فضل انتقالها من مكان وزمان إلى مكان وزمان آخر، وعما إذا كانت نظرية ما في حقبة تاريخية وثقافة قومية، تصبح مختلفة تمام الاختلاف بالنسبة لحقبة أخرى، أو موقف آخر. وهناك حالات مثيرة للاهتمام، من الأفكار والنظريات التي تنتقل من ثقافة إلى أخرى مثل حالة استجلاب الأفكار الشرقية المزعومة من التعالي والتنزيه إلى أوروبا في مطلع القرن التاسع عشر، أو عندما تمت ترجمة بعض الأفكار الأوروبية عن المجتمع، وجرى نقلها إلى المجتمعات الشرقية التقليدية، خلال منتصف القرن التاسع عشر وأواخره. إن مثل هذه الحركة الانتقالية إلى بيئة جديدة لا تتم دون عوائق أبدًا بل تنطوي، بالضرورة، على عمليات من التمثل والتأسيس، حيث تختلف هذه العمليات تلك القائمة عند نقطة المنشأ. وهذا ما يضفي التعقيد على أية محاولة لوصف عملية انتقال النظريات والأفكار بوساطة «الزرع»، والنقل، أو التحويل، والدوران، أو التداول، والتبادل الفكري.
بيد أن هناك نمطًا قابلًا للتمييز، ومتكررًا، لدى الحركة ذاتها، إذ توجد ثلاث مراحل، أو أربع، مشتركة، تنطوي عليها طريقة ارتحال أية نظرية، أو فكرة ما، وانتقالها. أولًا، هناك نقطة المنشأ أو ما يبدو مماثلًا لها. وهذا ما يؤلّف مجموعة من الظروف الأولية، حيث أبصرت الفكرة النور، أو دخلت في مجال المحادثة. وثانيًا، ثمة مسافة يتم اجتيازها، وعبور من خلال الضغط الذي تمارسه مختلف القرائن لدى انتقال الفكرة من نقطة سابقة إلى نقطة تالية، في الزمان والمكان، حيث يتهيأ لها إحراز شهرة جديدة. وثالثًا، هناك مجموعة من الظروف، أو الشروط، التي يمكن تسميتها بشروط القبول. أو يجوز اعتبارها كجزء حتمي من القبول، وهي كناية عن مقاومات تجابه النظرية أو الفكرة «المزروعة»، جاعلة من الممكن إدخالها، أو التساهل حيالها مهما بدت تلك النظرية أو الفكرة، غربية. وفي المرحلة الرابعة يتم، إلى حد ما، تحويل الفكرة التي جرى استيعابها، أو إدماجها كليًا (أو جزئيًا) خلال استعمالاتها الجديدة، وعبر موقعها الجديد في زمان ومكان جديدين.
ومن الواضح بجلاء تام، أن عملية القيام بوصف كامل وكاف لهذه المراحل، هي مهمة هائلة، ما لم تكن ضربًا من المحال. بيد أنني لا أنوي القيام بذلك، ولا أمتلك المقدرة عليه، لكن بدا لي، من المجدي، أن أصف المشكلة بطريقة مجملة أو عامة، لكي يتسنى لي أن أتناول، مطولًا، وبالتفصيل ناحية منها محددة إلى غاية التحديد، ومتعلقة بالموضوع على نحو خاص. إن التفاوت بين المشكلة العامة وأي تحليل خاص، بالطبع، يستحق التعليق في ذاته. وعلاوة على ذلك، فإن تفضيلا للتحليل الموقعي، والمفصل، عن كيفية انتقال نظرية ما من وضع أو موقف إلى الحفل الذي يمكن النظرية، أو فكرة ما من الانتماء إليه والتلاحظ، على سبيل المثال، كيف أن طلاب الأدب المحترمين يستخدمون الآن، كلمات مثل «نظرية»، ونقده، حيث لا يفترض أنه يتوجب، أو يتحتم عليهم حصر اهتمامهم بالنظرية الأدبية، أو النقد الأدبي. ولقد تشوش التمييز بين الفرع الواحد والآخر من فروع المعرفة والدراسة، لسبب يمكن حصره بدقة في أن حقولًا مثل الأدب، والدراسة الأدبية، لم تعد تعتبر شاملة كل الشمول، ومحيطة كل الإحاطة، كما كانت الماضي، حتى وقت قريب.
وبينما يستطيع بعض علماء الأدب الجدليين مهاجمة غيرهم من الباحثين، معتبرين أنهم غير «أدبيين» بما فيه الكفاية، أو لكونهم لا يفقهون (ومن ذا الذي ينبغي له ألا يفقه؟) بأن الأدب، خلافًا للأشكال الأخرى من الكتابة، هو في جوهره متسم بالتقليد والمحاكاة، وأخلاقي، وإنساني النزعة. فإنني أحسب المجادلات، والمناظرات الخلافية، الناجمة عن ذلك، تؤلف، في حد ذاتها، دليلًا بينًا على الحقيقة القائلة بعدم وجود إجماع في الرأي لجهة كيفية تعيين الحدود الخارجية لكلمة «أدب»، وبالتالي لكلمة ونقده. ومنذ بضعة عقود خلت كان التاريخ الأدبي والنظرية المنهجية، من النوع الذي مارسه «نورثروب فراي»، على نحو رائد يبشر بقيام صرح منظم ومضياف وصالح للسكنى، حيث يمكن، على سبيل المثال، تبيان أن أسطورة الصيف يتسنى تحويلها، بشكل محدّد إلى أسطورة الخريف. ويقول فرانك لتتريشيا في كتابه «ما بعد النقد الجديد»، مستشهدًا بكتاب فراي «المخيلة المثقفة»: «إن الفعل الإنساني الأولي، وهو بمثابة أنموذج لكافة الأفعال الإنسانية، فعل «إعلامي»، «إبداعي».
1982*
* ناقد وأكاديمي فلسطيني / أمريكي «1935 - 2003»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.