تقوم المرأة بأدوار متعددة اجتماعيًا واقتصاديًا وفكريًا، فهي حجر الزاوية في كافة المجتمعات، وهي الأم والزوجة والأخت والابنة والمعلمة وأكثر من ذلك؛ ونتيجة للتغيرات ومتطلَّبات واحتياجات الحياة تدرجت وأصبحت تتبوأ مناصب قيادية على جميع مستويات قطاع الأعمال في المملكة، وبالتحديد في القطاع الخاص،هذه الأدوار المتعددة تقودنا للحديث عن المرأة السعودية ودورها الريادي والقيادي، ومساهمتها في إدارة وتنمية الشركات العائلية التي تشكل هذه الشركات أكثر من 90% من عدد الشركات المسجلة رسميًا في المملكة. ويتحدث البعض عن قضية المساواة بين الرجل والمرأة، ومن فضل الله -تبارك وتعالى- فقد حفظ ديننا الحنيف الحقوق وحدد الواجبات لكلِّ منهما، فكلاهما يكمل الآخر، ويدور الحديث حاليًا حول تمكين المرأة وخاصة في الشركات العائلية، ويأتي الاهتمام بالشركات العائلية، لما لها من أهمية اقتصادية كبيرة، ليس على الصعيد المحلي فقط، بل على الصعيد الدولي أيضاً، حيث يمثّل هذا النوع من الشركات العصب الرئيسي لأعمال القطاع الخاص في مختلف دول العالم، وتستوعب هذه الشركات أعدادًا كبيرة من القوى العاملة، وتشكل ما نسبته 85% من الشركات المسجلة عالميًا، أما في المملكة فتشكل هذه الشركات نحو 70% من حجم القطاع الخاص. لقد أثبتت المرأة السعودية -ولله الحمد- جدارتها كسيدة أعمال ريادية تقود أعمالها بنفسها، بل إنَّ هناك الكثير من الشركات الخاصة التي تمتلكها سيدات أعمال حققن من خلالها نجاحات لافتة؛ وذلك بفضل ما يمتلكنه من قدرات ذاتية ومهارات قيادية في سوق العمل، بالإضافة إلى مؤهلاتهن العلمية والعملية لمواصلة مسيرة النجاحات المسجلة لهن؛ لذلك ليس بالغريب مشاركة المرأة في عضوية مجالس إدارات الشركات العائلية، بل وتوليها مناصب قيادية أيضاً، وما أحدثته من تأثيرات إيجابية على مستوى هذه الشركات التي لها بالغ الأثر على الناتج الإجمالي المحلي ودعم الاقتصاد الوطني. لستُّ هنا بصدد التأكيد ما تحظى به المرأة السعودية من رعاية واهتمام في مختلف المجالات في إيجاد الفرص المناسبة، ومساواتها في بيئة العمل والأجور، وفي التعليم والتدريب، وفي المنح والإعانات، وفي حقوق الأنظمة العدلية، فقد نالت المرأة كل ذلك عن جدارة، وكانت عند حسن الظن، حيث أثبتت تفوقها في عدة محافل داخليًا وخارجيًا، ويتعيّن علينا أن ندرك أن موضوع التمكين للمرأة عبارة عن مسيرة تمر بمراحل نضوج وقبول مجتمعي يقوم في الأساس على تمسكنا بديننا الحنيف وأخلاقيات مجتمعنا المسلم المحافظ. وفي هذا الإطار ونظرًا لوجود الكثير من الفرص والبرامج التي وضعتها الدولة، والتي زادت من إبراز أهمية وجود المرأة في سوق العمل، فلقد تشجعت الكثير من الشركات العائلية في المملكة أن تفتح المجال لاستقطاب كوادر نسائية، في مناصب قيادية من خارج نطاق العائلة وفقًا لأسس حوكمة الشركات القائمة على مبادئ الإدارة المهنية، وذلك لتحذو حذو شركات عائلية عريقة، سيما بعد ما أبدته بعض القيادات النسائية من التزام صارم في تحمل المسؤولية القيادية، وهذا ما سيكون له نتائجه الإيجابية مستقبلا بأمر الله -سبحانه وتعالى. وبالرغم من أنَّ بعض الشركات العائلية، أفسحت المجال للنساء في الوصول إلى مناصب قيادية، إلا أنَّ هناك مجالا لتطوير وتعزيز قيامها بدور أكثر فاعلية في الشركات العائلية، ومن المهم أن يتم النظر في بعض المقترحات، والتي يأتي في مقدمتها ضرورة زيادة التوعية بأهمية دور مشاركة المرأة في قطاع الأعمال، ووضع البرامج المناسبة لجعل بيئة العمل ملائمة لها، ويجب أن تكون هناك برامج لتدريب وتأهيل الكوادر النسائية، حيث يجب تأهيل المرأة وتدريبها على أعلى مستويات التأهيل والتدريب النوعي، وفق برامج قصيرة وطويلة المدى. بالإضافة إلى ذلك، لا بدَّ من الاهتمام بالمواهب النسائية الواعدة في مجالس إدارة الشركات العائلية، بحيث تكون قائمة على أسس ومبادئ الحوكمة في هذه الشركات، وذلك حتى يتم إعداد وصقل هذه الكوادر، لتتولى مناصب قيادية تقود بها دفة العمل في الشركات العائلية مستقبلاً، بجانب أهمية تطبيق إيجاد فرص متساوية وملائمة للأكفياء المناسبين، سواء من النساء أو الرجال في مجالس الإدارات برغبة أكيدة تقود لتحقيق الفائدة لذوي المصلحة، فيجب أن يكون الأمر بالتوازن فلا يصبح توظيف المرأة هو الهدف، وإنَّما يأتي التمكين من خلال التأهيل وإيجاد الفرص المناسبة وعلى مدى زمني معقول. وفي الختام أقول: إنَّه ما زال أمام المرأة السعودية الكثير من التحديات لتحقق طموحاتها ومساهمتها في تنمية وإدارة الشركات العائلية، كما أنه ما زال لديها الكثير مما ستقدمه من أدوار متميزة وأكثر فاعلية لهذه الشركات بأمر الله.