«الإعلام سلاح ذو حدين»، جملة سمعتها منذ بداياتي الإعلامية، لم أجد لها مبررًا- وقتها- بل كنت أرفضها وأحاول إثبات عكس ذلك ولكن العكس أثبت لي صحتها. في مسيرتي وجدت المتحفظ الذي لا يظهر إعلامياً أبداً، ويضيع جهده وسط الزحام أو وسط سوء عمل مجموعة ترافقه، وهناك من المتحفظ الذي يعرف من أين تؤكل الكتف، ويجيد اقتناص الفرص ليعلو نجمه، ويتعامل مع المواقف بمزيد من الحكمة والرصانة، وهناك نوع ثالث يغرق الإعلام حضورًا و«ترزز» لدرجة أنه من كثرة الملل من وجوده، لا نتابع جديدة، وهذا النوع يحظى بدعم كبير ثم يُترك عند أول خطأ، ذلك لأنه رفع سقف التوقعات لدى محبيه. وينطبق ذلك على موضوعات وملفات وحملات وليس على أشخاص فقط، لذلك كنت في بداياتي أرى لقب «مستشار إعلامي» نوعًا من (الهياط) للمستشار والمستشير، كانت قناعات تنم عن قلة خبرة، ولكن اليوم أيقنت بأهمية دوره. فهناك مستشار يجيد التعامل بذكاء مع المواقف واستغلالها بالشكل الأمثل، وهناك مستشار أقل وصف له «وجوده وعدمه واحد». اليوم أصبحت ضد شحن المحبين ورفع سقف توقعاتهم، ومع الحضور القوي الرزين في مواقف تتطلب ذلك، أما ما يفعله البعض اليوم من حضور يومي في جميع المنصات الإعلامية، وارتداء ثوب «أنا منكم وأنفذ رغباتكم وأستمع لكل شيء وأهتم بالصور والفيديوهات»، ستكون عواقبها وخيمة. اليوم سأردد الجملة نفسها، التي كنت أرفضها «الإعلام ووسائل التواصل سلاح ذو حدين». لذلك كن زائراً خفيفاً ولا تُطل الحضور، لا تكثر الوعود، ولا ترفع سقف الطموح فالأمنيات لا تتحقق جميعها. اعمل من أجل النجاح، سيوثق لك التاريخ ذلك، ولا تعمل من أجل الفلاشات، فربما تحترق بأسرع مما تتوقع، فمن يهتف لك اليوم، ربما يهتف ضدك غداً، والقصص في هذا كثيرة. للإعلام وهج مغر ولامع، ولكن هناك فطنة وذكاء ورؤية وآليات تحمي وتقي من الاحتراق، احذروا الوهج الحارق.