ما أعظمها من نعمة، وأكرمها من مِنْحة ومِنَّة، نعمة الأمن والأمان. فهي من أهم المقاصد، و أولى المطالب، وأفضل الرغائب. وما الدين إلا أن تقام شعائر وتؤمن سُبل بيننا وشِعَابُ فالأمن من أهم مقاصد الشريعة الإسلامية، لذا حرم الله تعالى الاعتداء على الأنفس والأموال والأعراض، ولو كان هذا الاعتداء بقول السوء فقال صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" [متفق عليه]، ففي ظلال الإسلام ينعم الجميع بالأمن والأمان. فلله ثم لله كم في الأمن من الفضائل والبركات، والآثار السَّنِيَّات، لذا جعله ربنا –سبحانه- من أجَلِّ النعم، وقرنه بالإطعام من الجوع، فقال سبحانه: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾. و قال نبي الهدى صلى الله عليه وسلم: "من أصبح آمناً في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها" أخرجه الترمذي وحسنه. ولقد امتن الله تعالى على بلاد الحرمين الشريفين بنعمة الأمن والأمان، فقال سبحانه: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ﴾. ولله در القائل: وليس مثل الأمن يحلو به رغيد العيش وتهنأ الأنفس وإن المسلم لينشرح صدره، باستتباب الأمن في قِبلة الإسلام، ويفرح ويغتبط حين يستشعر الأمن والأمان، والراحة والاطمئنان، وإن ما تنعم به هذه البلاد من الأمن والأمان هو بفضل الله أولاً، ثم بجهود رجال الأمن البواسل، الساهرين على حراسة الأنفس والأعراض، يدفعون الظلم ويجتثون أصوله، ويدحرون جلاوزته ويدكون حصونه، هُمُ الذِين لك اللَّهم قد صبروا وكُلُّهم لك فيما كان مُحْتَسِبُ يحملون أرواحهم على أَكُفِّهم، ويجودون بنفوسهم فِدَاء وطنهم، وقد أثمرت جهودهم أمنًا وَرِيفًا، وتبوأت بلادنا مكانًا مُنيفًا، في تحقيق الأمن وحماية الأرواح، وانتشار الأمان في الفجاج والبِطَاح، فحازت بلادنا أعلى مراتب الفلاح، وأسمى درجات النجاح. فكم أَعدّوا ورتبوا، ونسقوا وخططوا، ثم نفذوا في أرض الواقع على خير حال، فكانت مساعيهم مشكورة، وجهودهم مُسددة مأجورة. شهد بذلك القريب والبعيد. وما قامت به الجهات الأمنية المختصة على مدى عدة أشهر من رصد لأنشطة عناصر مشبوهة والتي لها اتصال بالتنظيم الضال في الخارج، وتعمل على الدعاية للفكر التكفيري الضال، وتجنيد عناصر لتنفيذ عمليات إجرامية تستهدف رجال أمن ومواطنين ومقيمين ومنشآت عامة لهو تتويج للجهود الفَتِيَّة، المبذولة بُكْرَةً وعشِيَّة. وطلب الأمن في الزمان عسيرُ وحديث المُنَى خداعٌ وَزُورُ لقد أضحت بلادنا واحة أمن وأمان، ودوحة سلام واطمئنان، بفضل الله تعالى ومنّه أولا، ثم بفضل رجال الأمن البواسل . فاللهم أجزهم عنا خير الجزاء، واجعَل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً، دُرَّة الأمصار، وشامة الأقطار، وواحة أمن وأمان، وخيرا وسلاما واطمئنانا.