القراءات العشر هي مذهب من مذاهب نطق القرآن الكريم يتبعه إمام من أئمة القراءات وهي على درجات. أولها، المتواترة المنقولة شفويًا عن الرسول صلى الله عليه وسلم قرأها عليه عدة صحابيين. ثم الرواية وهي ما صح سنده إلى الرسول. ثم الطريقة وهي ما تعلمه التابعي من أحد أصحاب الرسول. وأخيرًا الوجه وهي من قرأ بها تابع تابعي وقرأها عليه. والقراءات كانت سبعة (الشاطبية) ثم ازدادت ثلاث (الإمام ابن الجوزي الذي توفي عام 831 هجرية) وقد اتفق عليها بالإجماع. ولا علاقة بالقراءات السبع أو العشر بالأحرف السبعة والتي ذكرتها في مقال سابق. لأن في العرضة الأخيرة التي عارض فيها جبريل عليه السلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم تم نسخ الكثير من تلك الأحرف، وكانت في مواضع كثيرة جدًا في الكتاب الكريم ونزلت لتسهيل تلاوة القرآن على لهجات قبائل العرب من غير قريش. وتمت كتابة مصحف عثمان رضي الله عنه وفق العرضة الأخيرة مع بعض الأحرف السبعة التي لم تنسخ من بعض المواضع ووفق العرضة الأخيرة. وكتبه كل من زيد بن ثابت (زيد كان ممن حضر العرضة الأخيرة مع النبي) وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث وعبدالله بن الزبير. وكتب المصحف على خمس نسخ وقيل سبعة وتم إرسال نسخة لكل إقليم حسب لهجاتهم (ومنها نسخة بقيت في المدينة ونسخة في مكة). وأرسل مع كل نسخة قارئ من كبار الصحابة ليعلم الناس القراءة. وقد قامت في تلك الأقاليم مدارس للتلاوة والتفسير مثلا مدرسة عبدالله بن مسعود في الكوفة ومدرسة أبي الدرداء في الشام وغيرها. ومن تلاميذ تلك المدارس تلاميذ كثيرون من كبار التابعين كمجاهد بن جبير وعكرمة وغيرهم. أما كبار القراء فكانوا أبي بن كعب وعبدالله بن مسعود وزيد بن ثابت وأبي هريرة وأبي الدرداء وعلي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وعبدالله المخزومي وعبدالله بن عباس رضي الله عنهم وأبي العالية (والذي قرأ على عمر بن الخطاب)، ومنهم من قرأ على عثمان بن عفان، وعلى عبدالرحمن السلمي (من كبار التابعين وشهد بعض الصحابة وهو صغير السن). والقراءات العشر لا تتعلق بتغيير أو حذف أو إضافة كلمات أو حروف في كتاب الله (حاشا لله) فكتاب الله محفوظ من لدن الله تعالى، إنما هي قراءات في وجوه القراءة مثل المد 6 حروف كما عند الإمام نافع وحمزة وتبعهما ورش، أو 4 كما عند الإمام عاصم وتبعه حفص... إلخ. وأيضًا في قول أبراهام بدلا من إبراهيم (لا يغير المعنى ولا المسمى) وفي الإمالة والمد العرضي أو فتح (نصب) العين أو كَسرها، وفي حرف س بدلا من ص، وفي الإشمام أو في أف لكما مع تشديد الفاء أو تنوين كسر الفاء، وفي القسطاس المستقيم بكسر قاف القسطاس أو ضم القاف، وفي كلمة التابوت وقراءتها التابوة. كل ذلك لا يخالف حروف النطق (الكلمات) ولا الإعراب ولا يتضمن اللحن الخفي ولا اللحن الجلي ولا يمس المعنى. وأئمة القراءات العشر هم نافع وابن كثير وأبو عمرو البصري وعبدالله الشامي وعاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر المدني ويعقوب البصري وخلف البغدادي. ومن تلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم حشد كبير ومنهم أنس بن مالك وعمرو بن العلاء وورش وحفص وقالون والسوسي وغيرهم. ولقد بدأ التأليف في القراءات مع يحيى بن يعمر والذي وضع التشكيل والنقاط على الحروف في عهد الحجاج بن يوسف وتوفي عام 90 هجرية، ثم سليمان بن مقاتل عام 150 هجرية ثم أبو عبيدة بن القاسم وتوفي عام 224 هجرية وتوالت الكتابة حتى وضع الشاطبية كتاب القراءات السبع ثم أضاف الإمام ابن الجرزي الثلاث قراءات الأخرى. رضي الله عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه، ورحم الله علماءنا المتقدمين والمتأخرين وسدد وحفظ المعاصرين منهم.