يبدو أنه بات يصعب كثيرًا للقلب التعايش في هذا الزمن مع السيادة المثالية للود، فسرعان ما يسدد له واقعه ضربات موجعة، يحتار فيها العقل، ويقيد في أصفاد دهشة أُحادية الفهم.. ماذا حدث لضمير الوفاء وكيف السبيل لاقتفاء أثره في خضم زيف الحياة؟ وكم يعذبني سؤال الذات المتكرر برتابة الملل.. كيف استجاب قلبك لمحاولات الفرار من قدرك؟ً. اعرف جيدًا حقيقة ذاك الاختزال المزمن في نفسي، ومازلت مرغمًا في إعادة نسخِه، علني أصل لجوهر الذات المهترئة، وتأويل مقنع عن أسباب تقادم تلك الجمرات بها! فميلاد الألم الحركي المتكرر ليس ترفًا محبوبًا أوعابر سبيل خفيف الظل، فلو كان ذاك لعشقه جميع الأحياء عشق الظامئ للماء، بل هو مباغتة الغياب للروح بعد أن كانت مهيأةً للعِناق وفي أشقى صوره المؤلمة!. ولاتزال رواسب المشاعر المتخمة بالتخاذل تخاطب العقل الأداتي السقيم بسماته الرتيبة عبر علامات ورموز يتسلى بها اليأس أحيانًا وأخرى يتنمر عليها.. فماذا جرى لبعضا بني الإنسان؟! وكيف انقطعت مداد مشاعره بمنتصف الطريق.. أهو نقص اقتدار؟ أم توليد للحقيقة من رحم الأوهام بعد إزاحة النقاب عنها؟. ولا غرابة لحياة التصنُع المفروضة من ذاك التداعي المُقيد في قيعان واقعه المُر، ولا عجب في محاولات الخيال المتكررة الإبحار لعالم المُثل المسجونة بين أبراج عتيقة، فقد بات يُخشى على سمو الوفاء إطلاقه لدهاليز النُكران خوفًا من انقراضه وحماية له من سهام الاغتراب. أحيانًا أتبسم بكاءًا ساخِرًا مستغرقًا في الرتابة من هذه الأنساق المغلقة! ولكن أوتار الحياة المُفرغة من ذاك الظاهر والخافي باتت ترغمني لمصادقة تلك النغمات المتراقصة حول العرش الخيالي الباهت الألوان، بل وأطرب معها بقطرات ساخنة في أحلام اليقظة.