لقد جمع السعودية بأمريكا تحالف قديم، كانت بدايته بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -رحمه الله- وبين الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين دي روزفلت، وامتد هذا التقارب منذ ذلك الحين رغم تعرضه للهبوط والصعود في مراحله المختلفة إلا أنه كمفهوم يجمع الطرفين ظل قائمًا؛ لاقتناع الطرفين بالحاجة لاستمراره، والعمل على تجاوز أي أمر قد يعرضه للاهتزاز والتراجع. ولكن ما يؤسف له أن الواقع الأمريكي الجديد منذ قدوم الرئيس الأمريكي السابق أوباما إلى سدة الحكم في أمريكا بدأ هذا التحالف والتقارب يتخذ منحى سلبيًا، تمثل في تجاهل القادة الأمريكان للاهتمامات السعودية ومصالحها، والتقرب في المقابل من الأعداء التاريخيين للسعودية، مما خلق نوعًا من الجفاء بين الطرفين، خاصة من قِبَل الطرف السعودي، بعد أن وجد أن النهج السياسي الأمريكي الجديد يقف بالضد من كل ما كان يعزز التحالف بين البلدين. ولقد توّج هذا التراجع الدراماتيكي في العلاقة الأمريكية السعودية حديثًا قدوم الرئيس الأمريكي الجديد بايدن، والذي تعتبر سياسته امتدادًا لسياسة الرئيس أوباما سيئة الذكر، والذي بادر بإطلاق تصريحات أقل ما يقال عنها إنها معادية، وليس فقط مستفزة للطرف السعودي. إلا أنه حين ثبت للإدارة الأمريكية عدم نفع اللجوء لذلك النهج المعادي للمملكة عمومًا، ولسموّ الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي خصوصًا، أدركوا ضرورة تغيير مسار العلاقة مع المملكة، مما جعلنا نلاحظ بدء ملامح تغير إيجابي في المواقف الأمريكية مؤخرًا تجاه السعودية، دفعهم إلى ذلك إدراك أهمية الدور السعودي كمصدر رئيس لاستقرار أسعار الطاقة في العالم، وأيضاً إدراك أن المساهمة في حلحلة معاناتهم الحالية مع هذه الأسعار التي أفرزتها المستجدات العسكرية الأخيرة الواقعة بين روسيا وأوكرانيا يكمن في الأيادي السعودية وحدها. إن ما يزيدنا فخرًا ببلادنا وولاة أمرنا أنهم أظهروا للعالم حجم قوتهم وحنكتهم الاقتصادية والسياسية، ما أجبر العالم بأسره على احترامهم والتقرب إليهم، وهذا الأمر في حد ذاته يزيدنا قناعة بأننا نسير في الطريق السليم، طريق من شأنه إزالة أي ضبابية تتعلق بالمشهد السعودي، خاصة فيما يتعلق ببناء العلاقات أو التحالفات التي أصبحت القيادة السعودية تضع مصالحها ومصالح شعبها في مقدمة العوامل التي تحكم أي علاقة أو أي تحالف تنخرط فيه.