كنت في أي محفل يخص رجال الأعمال السعوديين، أجدني فخورا بجلهم، لما يتمتعون به من وطنية وعصامية بنت ممالكهم التجارية، حيث إن معظم رجل الأعمال السعوديين بنوا أنفسهم من الصفر، واشتهرت عوائل كثيرة من شتى مناطق المملكة، ببناء مؤسسات عائلية كبيرة حافظت على كيانها وسمعتها، وأسهمت بكل نزاهة في تطور الاقتصاد السعودي، وهذه ولله الحمد القاعدة العامة والمشهود لها بالتميز.. وحيث إن لكل قاعدة شواذ، فقد كنا بكل أسف ومرارة نعاني من رجال أعمال، شذوا عن القاعدة، والحمدلله أنهم قلة وسيبقون قلة إذا كانت هنالك محاسبة صارمة، كفيلة بمعاقبة أولئك حاليا، وردع من تسول له نفسه مستقبلا مزاولة مثل تلك المخالفات، التي تعد وفق الأنظمة من الجرائم الواجب وأدها في مهدها. حيث كانت يطالعنا بين فترة وأخرى، إعلان هيئة سوق المال السعودية، عن صدور قرارات من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، بإيقاع عقوبات على رجل أعمال بالاسم والكيان، وإلزامه بدفع المكاسب التي حققها ذلك، وكنا حقيقة نعتقد أن تلك الإجراءات الصارمة كفيلة بردع كل من تسول له نفسه الطمع، باستغلال المستهك في أي مجال، ولكن جاءت الحرب الروسية الأوكرانية ليطفح على السطح جشع آخر، فمع الساعات الأولى رفعوا الأسعار بشكل ملاحظ ومبالغ فيه، سيما المواد الغذائية، بينما مستودعاتهم المحلية كانت تكتنز ما يكفي لثلاثة أشهر قادمة على أقل تقدير، هؤلاء حقيقة صدمونا، ولكن عزاءنا كما أسلفت أنهم قلة، خسروا تقدير واحترام كل من اطلع على ممارساتهم، وكيف رضوا بالكسب الحرام الذي لن يجر نفعاً، سوى مؤقت ضرره أكثر من نفعه، كيف سمحوا لأنفسهم بأن يورثوا لأبنائهم أموالاً بطرق غير مشروعة، وإذا نفذوا من قانون الأرض كيف ينفذون من قانون السماء..؟ إنهم في حقيقة الأمر أحق بالشفقة، وقد انكشف خداع بعضهم والبقية في الطريق بإذن الله، متى ما تضافرت الجهود وأنزل العقاب على كل مخالف دون تميّز. فتحية لرجال الأعمال الشرفاء، وهم ولله الحمد السواد الأعظم، وتباً لكل من حاول الثراء على حساب الأرامل والعجزة وسمعة الوطن ونكران الجميل، وهم شواذ سيحتقرهم المجتمع وتلاحقهم اللعنات، إلا أن يتوبوا ويعلموا بأن الكسب الحلال المشروع، هو راحة للبال وأمان من النكبات. هذا وبالله التوفيق