من طبع المرأة وفطرتها أنها تفيض بالحب، ومن صدف شهر مارس الجميلة أن به ثلاث مناسبات تخص المرأة، مكررة منها اثنتان، وهما اليوم العالمي للمرأة الذي وافق اليوم الثامن من مارس، واليوم العالمي للسعادة الذي وافق اليوم العشرين منه، فلا أجد فرقاً بين المرأة والسعادة إلا في اللفظ، أقول ذلك وأقر به وأعترف وأنا في كامل قواي العقلية. أما المناسبة الثالثة للمرأة فتتمثل في عيد الأم، وكل امرأة هي أم بالضرورة بحنانها وعطفها وحدسها الذي قلما يخيب، فهي تستطيع - متى ما أرادت - أن تؤدي أدوار الأم تجاه زوجها وأبيها وأخيها وزميلها أو مديرها في العمل أو عابر في الشارع أو حتى تجاه قطتها.. لكن صفاء نبع المرأة سيتحول إلى كدر إن لم يحسن الرجل استخدامه والنهل منه. قيل لحكيمة: من تبغضين من الرجال؟ فقالت: البخيل والشكاك والكذاب وزائغ العينين. فقيل لها: وما زائغ العينين؟ قالت: الذي يشرد ببصره وقلبه إذا رأى أنثى، ثم بكت.. فقيل لها: ما يبكيك أيتها الحكيمة؟ قالت: إنهم لا يوفّرون واحدة، ولا يتركون امرأة وشأنها. فقيل لها وما الحل؟ قالت: إذا وجدتم الحل فأخبروني، ثم أكملت البكاء. أيها الرجل: لعلاقة سليمة مع المرأة لا تنتقدها وإن كنت على صواب، ولا تتجاهل مشاعرها وإن كنت لا تفهمها (مشكلتك دبر نفسك)، ولا تعترض عليها (نفّذ ثم اعترض)، وأسمعها الكلمة الطيبة الحلوة الصادقة. وعودة إلى سؤال العنوان: متى تغضب عليك المرأة؟ بصراحة لا أدري، ولكن من الممكن أن تمسي راضية عنك وتصبح ساخطة عليك.. خلال ساعة قد يمر على مزاجها الفصول الأربعة.. قد تراك في أضغاث أحلامها وتحاسبك على ما رأته.. لذلك لا تبحث عن إجابة..فقط كن مستعداً، واستعد أيضاً للسؤال الأكثر وطأة: ماذا ستفعل بك المرأة إن غضبت عليك؟ وتذكر أنك -أيها الطفل الكبير المسكين- لن تستطيع يوما الاستغناء عنها فرفقاً بها.. إضاءات: في أي مناسبة تخص المرأة تجول في خاطري خواطر، فالمرأة هي حنان أمي ودعوات جدتي - رحمهما الله -، وعطاء خالتي واهتمام أختي، ومشورة صديقتي ودعم زميلتي، وإبداع نساء لا أعرفهن، وأفكار مثقفات أسمعهنّ، وصفات سيدات تجبرك على الإعجاب بهنّ، وامرأة لم ترها وربما لم تخرج من بيتها لكنك تجد آثار عظمتها على أولادها. - ذكرني أحد الأصدقاء الكرام بمقولة ابن عربي: «المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه»، صدق والله، فاللوحة لم تكن لوحةً إلا لأنها أنثت، فالحمد لله الذي أخرجها من بلادة «اللوح» إلى حيث الجمال! - يقولون إنّ المرأة مكانها المطبخ انتقاصاً لها، وكأنّ قائليها موجودون حالياً في مركبات الفضاء! لولا مطبخ المرأة لما تهنأتم بطعام ولا شراب. - يخاطبها ب«سيدتي» ولا يعلم أن «سيدته» لا تريد منه خطاباً بل مواقف وأفعالاً. - لدى المرأة سرعة بديهة وقدرة رهيبة على قصف جبهة الرجل، وقصص الماضي والحاضر (والمستقبل) تشهد كثيرا بذلك، ومنها كما يروى أن الجاحظ التقى بامرأة قبيحة في بغداد فقال لها: وإذا الوحوش حشرت، فنظرت إليه المرأة وقالت: وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه! - بالمناسبة: لا توجد امرأة قبيحة، إنما يوجد نساء لم يثقن بأنفسهن واعتقدن أنّ الجمال يقتصر على معايير محددة. إنّ المرأة إذا طابت روحها رآها الرجل جميلة، فإن لم يرها كذلك فإنه «لوح» لا يدرك جمال «اللوحات».