أدانت المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في بيان لها أصدرته أول من أمس، القرار الصادر عن محكمة في العاصمة الألمانية برلين يسمح للحزب اليميني المتطرف "برو دويتشلاند" (من أجل ألمانيا)، برفع صور كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، أمام ثلاثة من المساجد الكبيرة في منطقتي نويكولن وفيدينج بالعاصمة برلين، ضمن مظاهرات تحمل شعار "الإسلام لا ينتمي لألمانيا"، و"أوقفوا الأسلمة". ونددت الإيسيسكو بموقف المحكمة الألمانية، الذي رفض الشكوى العاجلة التي تقدمت بها لجان ثلاثة مساجد إسلامية، بدعوى أن الرسوم الكاريكاتورية محمية "بالحرية الفنية" ولا تدعو إلى الكراهية أو العنف ضد المسلمين. ودعت الإيسيسكو الحكومة الألمانية إلى التحرك العاجل لمنع هذه الأعمال الاستفزازية، التي لا تدخل في نطاق حرية التعبير الحقيقية، وعبرت الإيسيسكو عن قلقها من تداعياتها المحتملة، وتأثيراتها السلبية في إثارة الفتنة والفوضى، واستفزاز مشاعر المسلمين داخل ألمانيا وفي العالم الإسلامي. واستغربت الإيسيسكو، صدور هذا القرار في الوقت الذي تسعى فيه ولاية هامبورغ الألمانية لإبرام اتفاق يعترف بالمسلمين رسميا، وينظم العلاقة الرسمية بين الولاية والمسلمين لتحديد واجباتهم وحقوقهم. وأكدت الإيسيسكو، في ختام بيانها أن قرار المحكمة الألمانية يتعارض كليا مع حرية التعبير، التي تحترم كرامات الشعوب وتنوعها الثقافي، كما ينسف الجهود الدولية الهادفة إلى محاربة "الإسلاموفوبيا"، وتعزيز الحوار بين الثقافات، والتعايش بين الأديان واحترام حقوق الإنسان. ودعت الإيسيسكو المحكمة الألمانية المعنية إلى احترام قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 22465 الصادر يوم 11 أبريل عام 2011، الذي يمنع التحريض على العنف، وكراهية الأجانب، والإساءة إلى الأديان، والرموز الدينية. وكان حوالى 50 متشددا في مجموعة صغيرة من اليمين المتطرف الألماني أمس، حملوا لافتة تحمل رسما مسيئا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أمام مسجد في برلين. وانتشرت الشرطة بكثافة أمام المسجد الشعبي في ويدينغ، فيما نظم 150 ناشطا مناهضا للنازية ويساريا تظاهرة مقابلة. وفي مايو الماضي نشرت هذه المجموعة المتشددة، التي تضم في صفوف قياداتها مسؤولا سابقا في حزب النازيين الجدد هذه الرسوم أمام مساجد في "بون وسولينغن" غرب البلاد. وتلت التحركات مواجهات حادة بين الشرطة وسلفيين، تم أعقابها توقيف عدد كبير من الأشخاص. وكانت ولاية شمال الراين وستفاليا غربي ألمانيا، شهدت في وقت سابق مظاهرات معادية للإسلام نظمها يمينيون متطرفون أسفرت عن أعمال شغب عنيفة. من جهتها، حاولت روابط المساجد منع إظهار الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم، عبر دعوة مستعجلة أمام المحكمة الإدارية العليا، لكن الأخيرة قضت بأن مثل هذه الخطوة لا تعد جريمة لأنها لا تمثل إهانة لطوائف دينية. ودعا فرانك هنكل، وزير داخلية ولاية برلين إلى التعقل "فقوة المجتمع تتضح من خلال رد فعله الهادئ والواعي على مثل هذا الاستفزاز". وفي أعقاب محادثات أجرتها مع الشرطة الألمانية، أعلنت جمعيات المساجد الثلاثة، أنها لن تستجيب لهذا الاستفزاز "فالاستفزازات المهينة والوضيعة لا تستحق الاهتمام من جانبنا". إلى ذلك كشفت نتائج استطلاع رأي حديث في ألمانيا رغبة لدى عدد من الولايات الألمانية، في أن تحذو حذو ولاية هامبورج التي أعلنت عن سعيها من أجل إبرام اتفاق مع المسلمين المقيمين بها لتحديد حقوقهم وواجباتهم. وكان عمدة هامبورج "أولاف شولتس" أعلن أول من أمس، عن إتمام المفاوضات الدائرة حول هذا الاتفاق منذ عام 2007، الذي ينتظر أن ينظم العلاقة الرسمية بين الولاية والمسلمين، لتحديد ما لهم وما عليهم، مثل حقهم في الحصول على عطلة في المناسبات الإسلامية، والحصول على حصص لتدريس الدين الإسلامي، ودفن موتاهم تبعا لشعائرهم. وكشفت نتائج الاستطلاع الذي أجرته وكالة الأنباء الألمانية، أن ولاية بريمن تتفاوض في الوقت الراهن حول اتفاق من هذا النوع، كما أعربت ولاية بادن فورتمبرج، عن رغبتها في إبرام اتفاق على غرار نموذج هامبورج، ووصف تورستن البيج رئيس حكومة ولاية شلزفيج هولشتاين، هذا الاتفاق بأنه "طريق مشوق للغاية". ومن المتوقع أن يتم التصويت على الاتفاق من قبل برلمان الولاية، الذي يحظى فيه حزب "شولتس" الاشتراكي بأغلبية مطلقة، بحلول نهاية العام الجاري. ويساوي الاتفاق بين العطلات الإسلامية والمسيحية، وبموجبه لن يحتاج التلاميذ المسلمون على سبيل المثال للتقدم بطلب للحصول على إجازة يوم عيد الفطر والعيد الأضحى. وتنص مسودة الاتفاق علي حق العمال في الحصول على عطلة في هذين اليومين والمساواة بين المرأة والرجل، وحدد أطراف الاتفاق فترة تجريبية تقدر بخمس سنوات. وأكد مقر رئاسة الحكومة في ولاية بريمن أنه يجري التفاوض حول اتفاق مشابه لاتفاق هامبورج منذ عامين، لاسيما فيما يتعلق بتنظيم أيام العطلات الإسلامية، لكنه يختلف عنه في أمور أخرى مثل حصص التربية الدينية. في المقابل رأت ولاية سكسونيا السفلى، أنه ليس هناك حاجة إلى مثل هذا الاتفاق حيث قالت متحدثة باسم وزارة الشؤون الاجتماعية في الولاية أن الكثير مما جاء في اتفاق هامبورج دخل حيز التنفيذ بولاية سكسونيا السفلى، مشيرة إلى أنه تم السماح للمسلمين باستخدام الكفن في دفن موتاهم، كما أنه اعتبارا من عام 2013/ 2014 سيتم تدريس التربية الدينية الإسلامية في مدارس الولاية. وفي سياق متصل قال متحدث باسم حكومة ولاية برلين: إنه لا حاجة لمثل هذا الاتفاق، مشيرا إلى أن الولاية بها قواعد تنظم حقوق وواجبات المسلمين لديها.