جاء الحوار الذي أجرته مجلة «أتلانتيك الأمريكية» مع سمو سيدي ولي العهد متضمناً جوانب مهمة، وقد اتسم الحوار بشمولية مضامينه، لمختلف المجالات: السياسية والاقتصادية والقانونية والأمنية والثقافية والتاريخية والتنموية، بأسلوب القائد الحكيم الملهم الواثق بالله، الأمين، والحريص على خدمة دينه ومليكه، ووطنه، تصريحات مباشرة جمعت بين الشفافية، والواقعية، والدهاء، والحكمة، والصدق، والرؤية التحليلية الثاقبة للموضوعات ذات الصلة بالشأنين الداخلي والخارجي. ومن خلال قراءة قانونية لمضامين حديث سموه الكريم في ضوء النظام الأساسي للحكم الصادر بموجب الأمر الملكي الكريم رقم أ / 90 بتاريخ 27/ 8/ 1412ه، لا غرابة فسرعة البديهة والحكمة وانتقاء المصطلحات الدقيقة والمباشرة الواردة في إجابات سموه عائدة -بعد فضل الله- للتكوين العلمي المتخصص في مجال القانون، فضلاً عن ملازمته لقائد عظيم وموسوعة تاريخية أحب شعبه فبادله الشعب حباً ووفاء وعرفاناً مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله ورعاه -، ويمكننا القول من الناحية التحليلية القانونية، عند القراءة القانونية على ضوء النظام الأساسي للحكم لمضامين الحوار مع سموه سيدي ولي العهد في الشأن الداخلي، أننا نقرأ تلك المضامين وفق ثوابت راسخة جاءت مؤكدة للنصوص والمبادئ العامة الواردة في النظام الأساسي للحكم، كما يمكن القول بأن من أبرز السمات التي اتصف بها الحوار مع المجلة هي التأكيد على الثوابت من خلال الاعتزاز بالهوية السعودية، وسعة وعمق الاطلاع والإلمام التام بالقضايا التاريخية والمجتمعية والشرعية التي جاءت في ثنايا إجابات سموه، ومن ذلك التأكيد على أن الإسلام والثقافة والقبلية السعودية بمثابة روح الدولة، في إشارة لما نصت عليه المادة (الأولى) من النظام الأساسي للحكم - آنف الذكر - بأن: «المملكة العربية السعودية، دولة عربية إسلامية، ذات سيادة تامة، دينها الإسلام، ودستورها كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ولغتها هي اللغة العربية، وعاصمتها مدينة الرياض». وقد أبان سموه حفظه الله بأن مرجعية اتخاذ القرارات في المملكة مستمدة من مصادر معتبرة وفقاً لما قضت به أحكام المادة (السابعة) من النظام الأساسي للحكم - المشار إليه - بالنص الآتي: «يستمد الحكم في المملكة العربية السعودية سلطته من كتاب الله تعالى، وسنة رسوله. وهما الحاكمان على هذا النظام وجميع أنظمة الدولة». وأيضاً صريح نص المادة (الثامنة) بأن: «يقوم الحكم في المملكة العربية السعودية على أساس العدل والشورى والمساواة، وفق الشريعة الإسلامية». واشتملت مضامين الحوار مع المجلة الإشارة إلى إبراز تفرد واستقلالية نموذج التطور والتنمية الحالي في المملكة، وهو الأمر الذي يتفق مع نص المادة (الثانية والعشرين) من النظام الأساسي للحكم: «يتم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفق خطة علمية عادلة»، كما أجاب سموه بأن التطور الاجتماعي يسير وفق معايير ومعتقدات وخصوصية الشعب في نص صريح إلى أحكام الباب الثالث من النظام الأساسي للحكم - المشار إليه - الذي يتناول مقومات المجتمع السعودي وتحديداً ما نصت عليه أحكام المادة (التاسعة) من النظام بأن: «الأسرة، هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد». كما اشتملت مضامين الحوار في معرض إجابة سموه على الأسئلة بعدم التسامح في المعركة ضد الفساد مع أي متجاوز، لتكون وفقاً لما قضت به أحكام المادة (السادسة عشرة) من النظام بأن: «للأموال العامة حرمتها، وعلى الدولة حمايتها، وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها»، كما شدد سموه على رفض التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة وذلك للتأكيد على السيادة التامة المشار إليها في نص المادة (الأولى) من النظام الأساسي للحكم - آنف الذكر-. وقد أوضح سموه التلاحم بين الأسرة المالكة والشعب وهو الأمر الذي نصت عليه أحكام المادة (الحادية عشرة) من النظام بأن: «يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم»، كما شدد سموه على استقلالية السلطة القضائية وفقاً لنص المادة (السادسة والأربعين) من النظام: «القضاء سلطة مستقلة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية». ووضح سموه موقف السعودية وجهودها الرائدة في مكافحة التطرف والإرهاب باعتبارهما من المهددات للوحدة الوطنية واعتبار جماعة الإخوان المسلمين بمثابة جسر يودي بالشخص إلى التطرف، ورفض مصطلح «الإسلام المعتدل» لما له من دلالة خاطئة توحي بتغيير الإسلام، استناداً إلى حكم المادة (الثانية عشرة) من النظام بأن: «تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة والفتنة والانقسام». وعلى مستوى الشأن الخارجي جاء رد سمو ولي العهد، ليؤكد على سياسة ودبلوماسية المملكة وعلاقتها مع محيطها الإقليمي والدولي، واتسم حديثه بالواقعية السياسية، بما يعكس ما وصلت إليه السعودية من قوة ومكانة مرموقة بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي والمالي والثقافي، وفقاً لما نصت عليه المادة (الخامسة والعشرين) من النظام بأن: «تحرص الدولة على تحقيق آمال الأمة العربية والإسلامية في التضامن وتوحيد الكلمة، وعلى تقوية علاقاتها بالدول الصديقة». إن حديث سموه الملهم جاء مؤكداً على نهج وعزيمة القيادة الرشيدة وإصرارها على تجاوز كل التحديات بطموح وهمة، لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 واستشراف مستقبل تنمية مستدامة مشرف لوطننا العظيم. سائلين الله عز وجل أن يحفظ لنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين، وأن يديم على وطننا الغالي العزة والرفعة والنماء والازدهار.