إذا كانت الرؤية السعودية 2030 ترتكز على ثلاثة مقوّمات جوهريّة هي: مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر، ووطن طموح؛ فإنّ جملة تلك المقومات= المحاور، تتّصل -أيّما اتّصال- بتنمية الوطن وتطويره، وتقدمه، وازدهاره، وبالمواطن السعودي بتعدّد مستوياته التعليميّة، والفكريّة، والثقافيّة، والاقتصاديّة، والترفيهيّة؛ بتنمية قدراته، ومهاراته، وتعزيزها. ولا شكّ أنّ «برنامج تنمية القدرات البشريّة»؛ يعدّ من أبرز البرامج الإستراتيجيّة المطروحة في هذا السّياق؛ لتعضيد مكانة المواطن السعودي والاهتمام به؛ لخوض غمار المنافسة العالميّة في شتّى مجالات التنمية. ومن حصافة البرنامج، وعلو سقف طموحه على المدى المنظور والبعيد، أنّه قائمٌ على المنافسة العالميّة، سواء كانت تلك المنافسة آنيّة، أو مرحليّة، أو مستقبليّة، وهي، منافسة لا يمكن لها أن تكون دون معرفة بتلك القدرات البشريّة، معرفةَ تحقيقٍ وتأكيدٍ، والعمل عليها في الآن؛ ولهذا كان البرنامج بتكامل أدواته؛ ولهذا كانت أهدافه وممكّناته؛ ولهذا كانت حزمه النّافذة أشبه بالعين الفاحصة لها. وتلك «العين الفاحصة»، قد أبانت عنها رؤية 2030، أيّما إبانة؛ لأنّ الرؤية السعودية، قائمة في جوهرها بالسعي نحو تبنّي مجموعة من الأهداف الإستراتيجيّة، وفق برامج متكاملة فيما بينها، وقد صمّمت لتحقيقها، بحيث تتناسب تلك البرامج بتعدّد منافذها ومساربها ومخرّجاتها، بالتوازي مع طموح هذه الرؤية، وتتّصل بها، وذلك من خلال تنفيذ مبادرات تحويليّة بهدف دفع عجلة التنمية على الصّعيدين الاجتماعي والاقتصادي. ولا شكّ أنّ تلك «العين»، بدأت تتّسع، وتتّسع لتأخذ مكانها في خارطة الوطن= الإنسان والمكان؛ لتتشكّل، مع حزم نوعيّة، كل عناصر التنمية ومقوّماتها، وفقًا لما تحفل بها الرؤية السعودية الطموحة 2030؛ بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-. إنّ «برنامج القدرات البشريّة»، يسعى في المقام الأول إلى تمكين المواطن السعودي من المنافسة عالميًّا من خلال تعزيز قيمه، وتطوير مهاراته الأساسيّة والمستقبليّة وتنميتها بالمعارف؛ فضلاً عن تطوير الأساس التعليمي المتين للجميع، بحيث يسهم في غرس القيم منذ الصغر، وتحضير الشباب لسوق العمل المستقبلي والمحلي والعالمي، وتعزيز ثقافة العمل لديهم، كما أنّه يستهدف تنمية مهارات المواطنين والمواطنات عبر توفير فرص التعلّم مدى الحياة، ودعم ثقافة الابتكار وريادة الأعمال، بالارتكاز على تطوير، وتفعيل السياسات والممكّنات لتعزيز ريادة المملكة. إنّ «برنامج تنمية القدرات البشريّة»، يدعو إلى استيفاء تلك المزايا والقدرات والمهارات والممكنات؛ ولكنّه في المقابل، لا يدعو إلى استيفائها في كل مواطن سعودي على انفراد، فليس من اللازم، ولا من المستطاع أو الممكن أن يكون كلّ «مواطن»: قويًّا، وعالمًا، وشاعرًا، وغنيًّا، ورائدَ أعمالٍ، ومفكّرًا، وروائيًّا، وفنانًا؛ ولكن من الضّروري -بل من الواجب- أن يجتمع في الوطن السعودي جميع تلك المزايا الممتازة، والمهارات النوعيّة التي تتفرّق بين جميع المواطنين، وتستوعب في الآن ذاته جميع العقول السعودية؛ فلا يمكن أن تُقسّم العقول فقط إلى عقل عالم، وعقل أديب؛ فهناك أقسام شتّى من العقول؛ فهناك العقل المبدع، والعقل المبتكر، والعقل الفنّان، والعقل الصّانع، والعقل الإداري، والعقل الرّيادي، والعقل الرياضي، والموسيقي، والجغرافي، والكيميائي، والفيزيائي. إنّ تعزيز القيم بتعدّد منظوراتها، وتطوير المهارات بمختلف مستوياتها؛ هي حجر الزاوية في بناء الإنسان السعودي وتنمية قدراته وتعزيز مهاراته، ليكون منافسًا علميًّا. وهذا -بلا شك- ما يهدف إليه «برنامج تنمية القدرات البشريّة».