العبقرية نادرة جدا، من ندرتها أحيانا يصعب تمييزها، فالفرق بين العبقرية والجنون شعرة، والفرق بين العبقرية والذكاء كبير، فالذكي قد يشرح لك ما يعرف بسهولة، أما العبقري فيصعب شرح ما يراه، فهو يفهم ما لا يفهمه كثير ممن حوله، ويرى ما لا يراه الآخرون.. قال أرثر شوبنهاور «المهارة تصيب هدفا لا يمكن لأحد أن يصيبه، أما العبقرية فتصيب هدفا لا يمكن لأحد أن يراه». العبقري له رؤيا نادرة ومنطق مختلف، وهو وبكل ما فيه غالبا يكون مميزا جدا، وأكثر ما يرعب الناس التي أصبحت متشابهة كثيرا هو التميز والاختلاف، وأكثر من يحاولون إخماد العبقرية هم السواسوية، ذوو النسخ الكثيرة، المتشابهون، فهم يريدون السيادة لتشابههم، رغم أن أخطر ما قد يواجه البشرية هو أن نكون نسخا طبق الأصل من بعضنا بعضا.. «عندما تظهر العبقرية الحقيقية في هذا العالم فعلامتها أن يتآمر كل الأغبياء ضدها» جوناثان سويفت. في نظري يجب أن ينظر الإنسان إلى موهبته وحلمه وشغفه نظرة العبقري لأفكاره، فلا يجب أن يتوقع من أحد أن يفهمها أو يتقبلها أو أن يدرك أهميتها. قرأت في مكان ما حكمة تقول، «قد تكون طرد كامل، وكل ما فيك جميل ومميز، لكن قد تصل للعنوان الخاطئ، وحينها لن يعرف المستلم ما يفعله بك، فإما أن يهملك، أو أن يعيدك حيث أتيت»، فعلا إن عرضت الأشياء مهما كانت قيمتها عالية على من لا يفهمها ستبيت رخيصة، بلا قيمة، فحافظ على كلماتك واحسبها.. حافظ على شغفك وحلمك غاليا كبيرا في عينيك لا تمسه ألسنة من لا يدركه، فبعض الناس لن تقدر موهبتك وحلمك لأنها مفتقرة للمواهب ومفتقرة للأحلام، لا تراها لأن عينها قاصرة عن ذلك، وأفهم أن كل ناجح محارب في كل المجالات، وإن بات تميزك واضحا في مجالك سيأتي من يحاول التقليل منك لنقصه هو وليس لنقصك أنت، وأغلب قصص النجاح العظيمة تأتي بعد إحباطات كبيرة من الناس التي لم تقدرها، حتى والت ديزني ذو الخيال الجبار لم يقبل في وظيفة كان يتمناها وقيل له، إنه «قليل الخيال»! في نظري للحفاظ على الطاقة الشخصية من الأفضل ألا يشارك الإنسان حلمه وتفاصيله مع الآخرين من دون غاية مقنعة، وذلك لعدة أسباب، منها أولا الحديث عما نريد أن نفعله يُشعر عقلنا الباطن أننا فعلناه بالفعل، وينقص الشغف، وتتأنى الخطوات وتتأجل، ونحن لا نملك وقتا لنضيعه. ثانيا، نحن لا نعلم ما في نفوس الآخرين، فمثلما البعض طيب وجميل ومشجع، البعض الآخر حاسد وحاقد، ومنهم مُحبط من نفسه ولا يريد الاستماع إلى تميزك، ومن الأشخاص من يقلل عمدا من إنجازات الآخرين وأحلامهم من دون سبب إلا أنهم لا يريدون من الآخرين أن يختلفوا عن عاديتهم، ولا يريدون من الآخرين أن يمتلئوا بشيء يفتقدونه هم، فيحاربونهم إلى أن يخمدوا نار شغفهم إن استطاعوا ثالثا وأخيرا، يجب ألا يتحدث الإنسان عن حلمه كثيرا، لأنه حلمه هو، ولن يفهمه غيره، لن يقدره غيره، بل لن يراه حق رؤيته غيره، فإن كنت تملك حلما، فاعتبر نفسك العبقري في هذا الحلم، والآخرون وإن كانوا أذكياء لن يرونه مثلما تراه.. قف على حلمك، واجه، قاتل، انجز، ابنِ، وعندما يكن بيدك ما تتباهى به انظر إليه بإعجاب وقل هذا كان حلمي.. لا تجعل حلمك بوابة انتقاد لكل عادي، أو مسرح تشكك للمتشابهين، أو حتى محط تساؤلات للأذكياء، فإن أتتك تعليقات لم تعجبك أو كلمات قد تحبطك ستندم لأنك شاركت جزءا منك مع من لا يقدر. تعلم ألا تتأثر بالمحاربين، أن تداري أمورك بالكتمان، أن تمتلئ بالسعادة من اجتياز مطبات طريقك، تعلم أن تشجع نفسك، أن تشاور نفسك أو فقط الجهات المختصة التي تحتاجها، وافهم أنك أنت العبقري في حلمك. لا تسترخص موهبتك وحلمك مهما حدث، مهما حوربت لا تسترخص قدرك، لا تفقد الثقة في وجهتك، وحاول أن تحيط نفسك ببعض الأشخاص الذين تراهم عباقرة في أحلامهم، فإن وجدت نفسك في يوم تبوح ما بداخلك، وتحكي عن شغفك ومقدرتك ترى عيون تلمع لأنها تميز حماسك وتميزك وإن كانت لا تفهم ما تقول أو لا يعقل لها. طالما أنت تحلم فأنت عبقري، لأنك ترى ما لا يراه الناس. حافظ على عبقريتك سرا، على خطواتك سرا، وكافح وحارب لأجل حلمك كل يوم «ليس الأمر أني عبقري، كل ما هنالك أني أكافح مع المشاكل لفترة أطول» قالها ألبرت أينشتاين الذي نعده كلنا من عباقرة الزمان.