الاتحاد السعودي لكرة القدم يعتمد 9 أندية خاصة و36 أكاديمية خاصة    الأباتشي يستعيد صدارة الطائرة    ذهبية سيدات المبارزة تختتم بالتتويج    الأمم المتحدة تؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي    واشنطن: قواتنا في سورية غير معرّضة للخطر    مدرب فريق النصر الإيطالي ستفيانو بيولي: مواجهة السد مهمة وجاهزون للفوز    من أعلام جازان.. الأستاذ والتربوي محمد عطيف    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الخريصي في منزله    "إعلان الكويت": وقف جرائم القتل للمدنيين في غزة ورعاية مفاوضات جادة لوقف الحرب    وزير الصحة يبدأ زيارة إلى الصين لتعزيز التعاون المشترك في المجال الصحي    الأوضاع الإقليمية والتعاون المشترك على رأس أجندة القمة الخليجية بالكويت    الغطاء النباتي وبلدية الشماسية ينفذان حملة "نزرعها لمستقبلنا"    استشهاد أربعة فلسطينيين في قصف للاحتلال الإسرائيلي على جنوب قطاع غزة    ولي العهد يصل إلى دولة الكويت    أمير الشرقية يبارك توقيع اتفاقيات بين فرع وزارة الصحة وجهات حكومية    إزالة خثرة قلبية كبيرة تنقذ حياة مريضة بالقصيم    فرع البيئة بتبوك يحتفي باليوم العالمي للإيدز    المملكة تُطلق 46 برنامجًا تدريبيًا لدول التحالف الإسلامي العسكري لتعزيز جهود محاربة الإرهاب    لجنة مراقبة هدنة لبنان تجتمع هذا الأسبوع    جمعية المودة للتنمية الأسرية تشارك في قمة المناخ COP16 المنعقدة في الرياض    جسفت تطلق فعاليات ملتقى "آرت اكسبو" بالجبيل الصناعية    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. العرض الدولي السابع لجمال الخيل العربية الأصيلة ينطلق في ال 11 من ديسمبر    سمو أمير الشرقية يرعى توقيع مجموعة من العقود الاستثمارية لأمانة الشرقية    الموارد البشرية تبدأ تطبيق المرحلة الثالثة من توثيق عقود توطين التشغيل والصيانة إلكترونيًّا    أستاذي ومعلمي    أطفال ومراهقو الباحة الأعلى في نسبة الممارسين للنشاط البدني    الفرصة لا تزال مهيأة لهطول الأمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    القتل لمواطنين ارتكبا أفعالاً مجرَّمة تنطوي على خيانة الوطن    قطار الرياض يبدأ استقبال ركابه صباح اليوم    «الشؤون الاقتصادية والتنمية» يستعرض توقعات الاقتصاد الوطني وتوصيات مواجهة التحديات العالمية    «الزكاة»: تحديد معيار اختيار المنشآت المستهدفة في الفوترة الإلكترونية    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 26 إلى لبنان    مركز التنمية الاجتماعية بمنطقة حائل يفعل "اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة " تحت عنوان "واستوصوا بالنساء خيرا"    تنظيم رخص استخراج المياه غير الصالحة للشرب    القاضي يتوّج الفائزين في سباق "سال جدة جي تي 2024"    «التعليم» تحدد أنصبة حصص المعلمين والمعلمات الأسبوعية    ريّح نفسك وأبعد المنبه عن سريرك    صيني يأكل موزة ب 6 ملايين دولار    القصة القصيرة في القرآن    «إكس» تستعد لإطلاق تطبيق Grok للجوال    القيادة تهنئ رئيسة بربادوس    ينفذها فنانون من 18 دولة.. 60 عملاً فنياً ضوئياً في «نور الرياض»    تأصيل الحرف اليدوية    طبيب ينصح بشرب القهوة يومياً    «مدني الزلفي» ينفذ التمرين الفرضي ل (كارثة سيول ) بحي العزيزية    حسين فهمي يكشف اللحظات الأخيرة لوفاة شقيقه    السعودية تتألق وتعانق الحداثة والتطور    معرض المخطوطات.. ذاكرة التأريخ    احذر أمامك مرجف    «السدو».. عنوان للتراث الأصيل    الأمير تركي بن محمد بن فهد يستقبل سفير قطر لدى المملكة    "الشؤون الإسلامية" تودع أولى طلائع الدفعة الأولى من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين إلى بلدانهم    تقدمهم عدد من الأمراء ونوابهم.. المصلون يؤدون صلاة الاستسقاء بالمناطق كافة    بالله نحسدك على ايش؟!    أمير تبوك يستقبل المواطن مطير الضيوفي الذي تنازل عن قاتل ابنه    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في عقم العقوبات
نشر في الوطن يوم 26 - 02 - 2022

تلعب العقوبات الاقتصادية والمالية والدبلوماسية دوراً مؤثراً في آليات ردع الأنظمة المارقة والمتوحشة، لكنها لا تكفي لوقفها عند حدها.
مثال روسيا بوتين واضح منذ عام 2014 بعد احتلال القرم وتسعير الحالة الانفصالية في شرق أوكرانيا. ومثال إيران أوضح، بحيث إن العقوبات الصارمة والقارصة لم تنجح في تغيير أجندة جموحها التخريبي، ولا في تعديل سلوك صاحب القرار فيها لا داخلياً ولا خارجياً.
والأمر ذاته يسري على الطفل المعجزة في كوريا الشمالية، وعلى بشار الأسد وبقايا نظامه في دمشق، مثلما كان الحال مع صدام حسين ومعمر القذافي.
في لغة الأرقام والحسابات تأتي العقوبات محاولةً وضع المستهدف بها في أزمة عويصة، ولمحاولة تدفيعه أثماناً مادية صرفة مقابل انتهاكاته الداخلية الجسيمة لحقوق الإنسان، وخروجه عن العلاقات الخارجية الطبيعية السوية بين الدول، ودفعه بالتالي إلى تغيير أدائه السيئ وعدم الإمعان فيه تبعاً لضمور قدراته على تمويل ذلك الأداء.
والأمر في جملته سلاح بارد ومدني يقصد به أن يكون بديلاً يؤدي وظائف السلاح الناري والمتفجر والحار! وهنا تماماً تبرز المعضلة العويصة وعقم الأداة والسلاح: تلك الأنظمة المعاقبة والمطلوب منها التراجع تحت وطأة العقوبات وانعكاساتها عليها وعلى رعاياها ومواطنيها، ليست معنية سوى بإحكام سلطتها وتمكنها وسيطرتها.
ولا تعني لها تبعات سياساتها السيئة على دولها ورعاياها شيئاً خارج احتمال تحرك هؤلاء ضدها بسبب تعاظم المعاناة المتأتية عن تلك الإجراءات الخارجية بما تعنيه مباشرة من تراجع مستوى العيش والخدمات وقيمة العملة الوطنية والقدرة الشرائية والتضخم وصعوبة التنقل والسفر، وغير ذلك من شؤون هذه الدنيا وشجونها. ...
والرهان على احتمال التحرك الداخلي ذاك يشبه الرهان على صمود عمود ملح عند شاطئ البحر. ولا مرة اهتزت أنظمة الطغيان تحت وطأة العقوبات الخارجية وتأثيراتها الداخلية.
هذه يمكن أن تكون مزعجة لصاحب السلطة والقرار، لكنها بالنسبة إلى ضحاياه ليست سوى سبب إضافي لزيادة القهر الموجود أصلاً بسببه... ومن دون نتيجة.
تلك المنظومات المستهدفة بالعقوبات هي في ذاتها عقاب مستدام لرعاياها ومواطنيها، وهي في أساسها ومتفرعاتها أول أسباب البلاء، والجذر المؤسس للأزمات التي تضرب بلادها وتحولها إلى دول مارقة وفاشلة وعدوانية، وباحثة دائماً عن عدو خارجي لتعلق عليه غسيلها الوسخ وتحمله أوزار فشلها وطغيانها وتسلطها واستبدادها المقيت.
وهي من حيث المبدأ طغت واستبدت وتسلطت بطرق عنفية ودموية وخارجة عن منظومة القيم التي تعتمد كقياس لإطلاق العقوبات من قبل الدول المتقدمة الموصوفة اختصاراً بالمجتمع الدولي، ومنظمات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان على تعددها.
ما أفرزته التجارب الطويلة في هذا المجال يدل على حلقة جهنمية مقفلة: لا الأنظمة المارقة عدلت أداءها أو خففت غلواءها ومروقها ولا ضحاياها الداخليون والخارجيون وصلوا إلى حقوقهم، أو تمكنوا من تحسين أوضاعهم بكل مراتبها وعناوينها، بل العكس تماماً، ازدادت وطأة البلاء وانتعشت، وإلى الاستبداد والقمع والتنكيل والتوحش النظامي الداخلي، أضيفت بلايا العوز والفاقة وانحدار مستويات العيش بفعل العقوبات الخارجية، أي تماماً مثل الذي يريد تحرير طائرة مخطوفة، فيقتل الركاب ويحرق الطائرة... ويبقي الخاطف سالماً!
تدمرت سورية تماماً وبقي بشار «المعاقب» حيث هو. وعانى شعب العراق العزيز والكريم الأمرين وتبخرت مقوماته وبقي صدام حسين جاثماً فوقه طوال سنوات عدة على الرغم من عقوبات لا مثيل لها. وكذا الحال مع معمر القذافي وشعب ليبيا، ومع كيم جونج أون في كوريا ولا يزال، ومع نظام الولي في إيران ولا يزال، ومع بوتين روسيا ولا يزال.
وكل تلك الأمثلة متشابهة في السلوك السلطوي وتتبادل خبراتها ومواردها لإحكام تمكنها وسيطرتها، وتزيد وتيرة تآلفها وتعاونها كلما تعرض أحد أقانيمها إلى هزة عقابية أو إلى تهديد داخلي أو خارجي. والتشابه بينها يطال المبدأ ومتفرعاته: كلها جاءت إلى السلطة من خارج منطق صندوق الاقتراع ومن خارج آليات التطور السياسي الطبيعي القائم في دول الحداثة والديمقراطية، بل كلها تتشابه في احتقار تلك الآليات وكل إفرازاتها، مثلما تتشابه في احتقار معطى الحرية وحقوق الإنسان في مقابل تقديس العنف واعتبار القوة العارية والصلفة طريقاً وحيداً وأكيداً للسطو على السلطة والمشاع العام وتطويبهما باسمها إلى الأبد.
وهذا يقود إلى استنتاج كئيب: لم يسقط صدام ولا القذافي بالعقوبات وإنما بالقوة. ولن يسقط بشار الأسد بالعقوبات بل برفع الحماية الإسرائيلية (الروسية) عنه. ولن تعدل طهران أجندتها الخارجية أو الداخلية إلا بالفرض.
ولن يعيد الطفل المعجزة في بيونج يانج حساباته وأساليبه وأداءه على البارد. ولن يلجم طموحات القيصر الروسي الصاعد والخطير إلا ثقل مواز ومن الصنف ذاته المفضل لديه. تلك منظومات وشخصيات لا تفهم سوى لغة القوة ولا «تحترم» إلا الأقوى منها، ولا تعيد النظر بسلوكها إلا غصباً وقسراً.
في أطنان الكلام والمناشدات والعقوبات التي جبهت بوتين فور شروعه بالعدوان على أوكرانيا، مرت جملة يتيمة على لسان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد يكون لها مفعول أكبر بكثير من كل رد فعل آخر: قال حرفيا إن أي تدخل روسي في أي دولة بعد أوكرانيا سيدفع واشنطن إلى التدخل المباشر أيضاً... أي أنه يرمي قفاز التحدي في وجه المعتدي ويخاطبه باللغة الوحيدة التي يفهمها، وهذه حساباتها عند القيصر الروسي مختلفة عن حساباته التي اعتمدها في مسيرته من الشيشان إلى أوكرانيا مروراً بجورجيا والقرم.
وأفترض (والله أعلم) أن بايدن يعرف الخطوة التالية في برنامج بوتين الإحيائي والاستراتيجية المتبعة من قبله لإعادة رسم الخريطة الجيوسياسية في أوروبا... ويقول له إن الرهان على تفكك المجتمع الدولي أو مدنيته، أو افتراض ضعفه وإيثاره التنمية على العسكرة، والعولمة على الإسبارطية هو رهان صار بعد أوكرانيا في غير محله وسيفشل. ...وكأن بايدن يقر من دون أن يقول، بأن لغة العقوبات والإدانات لا تنفع مع هذا النوع من الطغاة، وهذا ما أثبتته الأيام.
* ينشر بالتزامن مع موقع لبنان الكبير


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.