لا أعلم الأسباب ولا المسببات التي احتلت الوجدان والعقل العربي بل وربما المسلم، بالعزوف عن ذكر ضمير المرأة في التخاطب والخطاب، وكأن في الأمر محصلة من قوانين العيب الاجتماعي، رغم أن الأخت عزوة يعتز بها الرجل العربي، والمثال في العصر الحديث الحالي أن عزوة آل سعود: إخوان نورة وهي أخت الملك القائد المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن، غفر الله له، والتي بسببها رفض الملك عبد الله -غفر الله له- وهو يفتتح جامعة الأميرة نورة أن تسمى الجامعة باسمه وطلب أن تسمى جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن. وهي اليوم من جامعات الوطن التي تسير فيها مسارات الإثراء المعرفي والثقافي والتطور والتطوير. كما أن حكام الكويت آل الصباح عزوتهم إخوان مريم، أدام الله على الكويت الأمن والأمان. هذا الأمر أي ذكر المرأة لا أعتقد أن فيه أي تعنصر، بل أراه من مكارم الأخلاق وحسن المعشر والمعاشرة. ولأني من غزية (إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد) لكن لم تستمر الغواية عندي ولله الحمد، فأنا أعتز بأختي بل بأخواتي. وأذكر عندما كنت مبتعثا للدراسات العليا في الولاياتالمتحدةالأمريكية أنني كنت لا أستخدم ضمير النسوة بسبب الإرث الشعبي الذي كان وما زال سائدا في المجتمع، وكنت مهتما بتصفيف شعري تأسيا بوالدي -رحمه الله- الذي كانت ضفائر شعره طويلة جميلة تخلص منها بعد عودته من حرب فلسطين. دلفت إلى مزين في أحد الأسواق في المدينة لأقص شعري عند هذا الصالون الذي به حوالي عشرة مزينين ومزينات، وكان نصيبي حسب الدور عند مزينة مزيونة وعبثت في شعري وخرجت منكسر الخاطر. وتدور الأيام لأعود للصالون نفسه، وعندما وصلني الدور كان نصيبي عند مزينة فقلت لا أريد أن تحلق لي امرأة، واستغربت ونادت مدير الصالون وأبلغته ما طلبت، فأمسك الرجل بيدي وقادني إلى باب الخروج دافعا بي للخارج قائلا: لا تعد تأتي إلينا، ما قمت به تمييز عنصري لا نقبله وإلا استدعينا الشرطة لتحاكمك؟. وخرجت واكتفيت بأن تقصر شعري زوجتي -حفظها الله- باستخدام مكينة حلاقة تحلق بدرجات متدرجة. وفي الجامعة كنت أستخدم ضمير المذكر HE فنبهتني أستاذة لي أن أستخدم ضمير المؤنث SHE أو أن أستعمل ضمير الشمل – الشخص – person لأبتعد عن التمييز Discrimination. وبعد تقليب ومراجعة لنمط سلوكي كهذا وجدت أن القرآن الكريم قد نص في عدة آيات على ذكر المرأة إلى جانب الرجل، وهنا مثال من آيات الذكر الحكيم: فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند اللَّه واللَّه عنده حسن الثواب (195 آل عمران). وكما جاء في تفسير الطبري -رحمه الله- (وذكر أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما بال الرجال يذكرون ولا تذكر النساء في الهجرة»؟ فأنزل الله تبارك وتعالى في ذلك هذه الآية. كما نصت الآية 35 من سورة الأحزاب على شمول الضمير للمذكر والمؤنث: (إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين اللَّه كثيرا والذاكرات أعد اللَّه لهم مغفرة وأجرا عظيما).