في إحدى القرى النائية، كان بائع الموز يعرض منتجه على السكان والتجار، لكن لم يشتره أحد، وصل به الأمر إلى أنه عرض عليهم أن يقوموا بتجربته مجانا، لكن باءت جميع محاولات إقناعهم بالشراء بالفشل. شعر بالأسف حيال نفسه، فجأة خطرت له فكرة، حصد محصوله ووضعه على عربة مكشوفة، أمام مرأى الجميع، وذهب لمدينة بعيدة باعه وعاد إلى القرية. كرر الأمر نفسه عدة مرات، اندهش الناس لماذا لم يعد «يعرض» عليهم بضاعته؟ بدافع الفضول زاد الإقبال عليه وتهافتوا للشراء. السؤال الذي يدور في مخيلتي لماذا الأشياء التي نحصل عليها مجانا، ليس لها قيمة أو أن قيمتها منخفضة؟ هل التعب والألم والمشقة والصعوبة هو ما يجعل لها قيمة؟ على سبيل المثال النصيحة كانت قديما بجمل، وهي الآن بلا ثمن، ونجد آلاف الحكم والتجارب لكن لا نلقى لها بالا. خذ مثلا الأب الحريص تجده يسرد خلاصة خلاصة تجاربه، ومع ذاك لا يجد لدى أبنائه الاهتمام الكافي، فيعزي نفسه بالآية الكريمة «إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء». لذا لو أردت أن يكون لكلماتك ثقلا ووزنا ومعنى، لا تعرضها إلا لمن يهتم، وإذا أردت أن تقولها فلتقلها في زمنها المحدد. أتعرف لماذا يجب أن تكون هناك لك قيمة لكلماتك وأفعالك؟ بصراحة لأن غالبية الناس لا تقدر الشخص «المجاني». لذا لا تكن متوفرا طوال الوقت، أو في متناول الجميع، وعلى رأي الشاعر: إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها هوانًا بها كانت على الناس أهونا.