تمكنت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" من تحديد البقعة الغريبة التي ظهرت على صورة أرسلها الروبوت كوريوسيتي من المريخ، وأثارت تساؤلات كبيرة. وخلصت ناسا إلى أن الصورة تنطوي على "مصادفة عجيبة" وسببها اصطدام الرافعة التي حملت الروبوت، بسطح المريخ. وأثارت الصورة منذ الاثنين الماضي فضول العلماء والمهتمين بالفضاء، وأثارت أيضا تكهنات غريبة. وكل ذلك مرده إلى بقعة صغيرة، تشبه سحابة من غبار، تظهر في الأفق في صورة أرسلها الروبوت كوريوسيتي فور هبوطه على سطح الكوكب الأحمر، عند الساعة 05,31 بتوقيت غرينيتش من يوم الاثنين. وأكد مسؤولون في برنامج "إي دي إل" (إنتري، ديسنت، لاندينج) التابع للناسا، أن هذه السحابة ليست بقعة على عدسة الكاميرا ولا عاصفة غبارية كما ترددت آراء، وإنما هي ناتجة عن اصطدام الرافعة التي حملت الروبوت بسطح المريخ. وقال ستيف سيل، أحد مسؤولي الفريق المشرف على المهمة "لدينا صورتان التقطتا من كاميراتين مختلفتين، وفي كلتا الصورتين تظهر السحابة، علما بأن الصورتين التقطتا بعد حوالي أربعين ثانية من الهبوط". وأضاف "في كلا الكاميراتين، البقعة لم تعد ظاهرة بعد 40 دقيقة" موضحا أن العدستين كانتا موجهتين تماما إلى النقطة التي هبطت فيها الرافعة وتم رصدها بواسطة أقمار اصطناعية أميركية في مدار المريخ. وبحسب سيل، فإن مهندسي وكالة الفضاء الأميركية لم يكن في وسعهم تحديد موقع الهبوط أو المحور الذي تحط عليه الرافعة مسبقا. من ثم، تعتبر الصورة التي التقطت عن وقع اصطدام الرافعة "مصادفة عجيبة". وقامت هذه الرافعة المزودة بصواريخ قهقرية (لتبطيء السرعة تمهيدا للهبوط) بدور أساسي جد صعب، فجعلت الروبوت يحط بهدوء على سطح المريخ بواسطة أسلاك من النيلون، وقد انفصلت عنه فور إتمام المهمة وتحطمت على مقربة منه. وبحسب سيل، فإن هذه الرافعة ارتطمت بسطح المريخ بسرعة 160 كيلومترا في الساعة. وأقر المسؤول في برنامج "إي دي أل" بأن الصورة لا تنطوي على أي أهمية علمية كبرى، ولكنها "مثيرة للاهتمام بالنسبة للمهندسين" ... فهي تثبت أن "توقعاتنا (بشأن انفصال الرافعة) أتت في محلها وأن نماذجنا كانت صائبة". وقام علماء ناسا أول من أمس باستعراض تحليلاتهم للمعطيات التي أرسلها حتى اليوم روبوت كوريوسيتي بشأن الدقائق الأخيرة من رحلته. وهم كشفوا التوقيت المحدد للهبوط عند الساعة 5,31 بتوقيت غرينيتش (وليس الساعة 5,32، كما أعلن فور هبوط الروبوت)، فضلا عن موقع الهبوط المضبوط. وقال غايفن مندك، أحد المسؤولين في برنامج "إي دي إل" إن كوريوسيتس حط "على بعد 2,25 كيلومترا من الموقع الذي كان مرتقبا للهبوط". ويعمل فريق "إي دي إل" حاليا على معطيات قليلة أرسلها له الروبوت، لكنه من المزمع أن يحصل على المدى الطويل على 100 ميغا أوكتي من المعطيات تعتبر "كنزا" في نظر غايفن مندك الذي كشف "ستستغرق دراسة المعطيات التي سنتلقاها بعد أسبوعين تقريبا أشهرا". وتكللت عملية هبوط كوريوسيتي على المريخ بالنجاح، بعد رحلة امتدت على أكثر من ثمانية أشهر. وتقضي مهمة هذا الروبوت الممتدة على سنتين بالعثور على آثار محتملة لحياة ماضية على الكوكب الأحمر.