جاء الخطاب الملكي الكريم لخادم الحرمين الشريفين بمضامينه وتوجيهاته السديدة، التي واكبت صدور المرسوم الملكي، وإعلان الميزانية العامة للدولة ل2022، وما تضمنته لغة الأرقام من إجمالي إنفاق يقدر ب955 مليار ريال، وإجمالي إيرادات يبلغ 1.045 مليار ريال، وفائض يصل إلى 90 مليار ريال، ليؤكد أن هذا النجاح نحو الوصول إلى تحقيق التوازن المالي حسب مستهدفات الخطة الحكومية يعكس حجم قوة السياسة المالية العامة للدولة، ومتانة الاقتصاد السعودي، مع توالي المكتسبات التي تحققت منذ إقرار «رؤية المملكة 2030»، لاستشراف مستقبل الوطن نحو مزيد من التطور والتقدم في مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية والاجتماعية. كما يأتي هذا النجاح الكبير ليؤكد، في الوقت نفسه، جدوى السياسات المالية والاقتصادية التي طبقتها الدولة نحو تعزيز النمو الاقتصادي والاستدامة المالية، من خلال رفع كفاءة الإنفاق، وخفض العجز، وتوسيع مشاركة القطاع الخاص في التنمية الشاملة، ودعم المحتوى المحلي، مع الاستمرار في مكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة والشفافية، وسُبل تطويرها. إن ما تحقق من مكتسبات في ميزانية هذا العام (2022) من نتائج إيجابية، منها: ضبط عجز الميزانية من خلال برنامج التوازن المالي، ورفع كفاءة الإنفاق. كذلك نمو العديد من الأنشطة الاقتصادية والقطاعات المختلفة بشكل كبير، عادت بعضها إلى مستويات ما قبل الجائحة، وصاحب ذلك النمو انخفاض في معدلات البطالة بين المواطنين من 12.6% في نهاية العام الماضي إلى 11.3% في منتصف العام نتيجة زيادة فرص العمل المتاحة أمام المواطنين، وتحديد أربعة مسارات للتعامل مع الفوائض: دعم الاحتياطيات، وصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني، وخفض الدين العام، وتمويل احتياجات أهداف وبرامج «رؤية 2030» على المدى الطويل - كل هذا النجاح يأتي كمحصلة للعديد من المشاريع والخطط الإستراتيجية، التي تهدف إلى تعزيز مختلف الجوانب الداعمة النمو الاقتصادي، وفق مستهدفات «رؤية 2030»، على الرغم من أن 2021 كان مليئا بالتحديات والصعوبات على مختلف دول العالم، ولا يزال مستمرا إلى الوقت الحاضر بسبب استمرار تداعيات الآثار الاقتصادية المترتبة على جائحة «كورونا»، إلا أن الاقتصاد السعودي أثبت كفاءة عالية، وسطر قصة ملهمة للعالم بفضل الله، ثم بدعم وحنكة القيادة الحكيمة، من خلال الأوامر الملكية الكريمة لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين، والحرص والتوجيه الدائم من سمو سيدي ولي العهد - حفظهما الله - التي كان لها أعظم الأثر في تعزيز النمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الجائحة، وتسخير الموارد المالية للإنفاق على الصحة والتعليم، وتطوير الخدمات الأساسية، بالإضافة إلى استدامة الدعم والإعانات الاجتماعية، مما يدلل على أن الميزانية تأتي استمرارا لمسيرة الإصلاحات الداعمة تطوير المالية العامة، مع التزامها بالمحافظة على سقف الإنفاق المُعلن من الحكومة سابقا، بما يضمن استدامة مالية على المدى المتوسط، ومركزا ماليا قويا، يمكن الدولة من مواجهة أي متغيرات طارئة، والقدرة على التخفيف من آثار التداعيات الاقتصادية غير المتوقعة. ويأتي إعلان الميزانية العامة في أعلى مستوى تاريخي لها، حيث إن 40% من إيرادات ميزانية المملكة خلال 2021 «غير نفطية»، ليبرهن على أهمية تحقيق التوازن المالي، والتقييم المستمر للسياسات المالية، وما تضمنته من تحفيز وتنويع النمو الاقتصادي، وبالتالي تحسن الإيرادات غير النفطية، لتخفيف الضغط على الإنفاق الحكومي، في ظل تمكين القطاع الخاص من الاضطلاع بأدوار رئيسة ومحورية، وفاعلية ذات أثر آني ومستقبلي، ولا سيما في قطاعي الاستثمار والتوظيف، للإسهام في تعزيز النمو الاقتصادي، وتحقيق تطلعات المواطن نحو مستقبل اقتصادي واعد ومزدهر لهذا الوطن الشامخ.