تؤكد الدراسات العلمية الحديثة أن الألعاب الرقمية من الممكن أن تقود ممارسيها من المراهقين والشباب إلى ممارسة العنف واستخدامه كوسيلة أساسية للتعاطي مع أي مشكلة قد تواجه أي منهم. وتشير دراسة أمريكية إلى أن ممارسة الأطفال للألعاب الرقمية التي تتسم بالعنف؛ تجعلهم عدوانيين بشكل أكبر، حيث أظهرت نتائج هذه الدراسة أن ذلك الضرر النفسي يمكن أن يصيب حتى الأطفال الذين يمارسون الألعاب الرقمية ولو بشكل عارض. وترى الدراسة أن العنف في الألعاب التفاعلية المتوافرة من خلال منصات الألعاب الرقمية كالبلايستيشن أو الإكس بوكس أكثر ضررًا من العنف الذي يعرضه التليفزيون، لأنها تتميز بإمكانية التفاعل بينه ما يدور في اللعبة الرقمية وبين الطفل وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقمص الطفل الشخصية العدوانية ليلعبها ويمارسها. كما بينت الدراسة أن الأفكار والسلوكيات العدوانية وحدة الطباع وسرعة الانفعال تتزايد بشدة لدى ممارسي الألعاب العنيفة، خاصة بعد الانتهاء من اللعب مباشرة، وأن ممارسة الألعاب الرقمية العنيفة لفترة طويلة من الوقت تؤثر بشكل سلبي على المعارف الإيجابية التي يتعلمها الأطفال ويتربون عليها. وقد أجريت تلك الدراسة في محاولة لتفسير حادثة إطلاق النار والقتل التي شهدتها مدرسة كولومباين الثانوية بولاية كلورادو Columbine High School، وراح ضحيتها 12 طالبًا ومعلمًا بالإضافة إلى جرح 24 آخرين وهي المذبحة التي لفتت الانتباه بشكل كبير إلى العنف الذي تعج به الألعاب الرقمية، حين قام المراهقان ديلان كليبولد Dylan Klebold وإريك هاريس Eric Harris بإطلاق النار في مدرستهما الثانوية فأسقطا 12 قتيلًا من زملائهم بالإضافة لأحد المعلمين، قبل أن يقتلا نفسيهما. وفي تسجيل تركاه وراءهما، وصفا عملية القتل بأنها تحاكي اللعبة الرقمية العنيفة المفضلة لديهما والتي تسمى «دوم» Doom. ويقول أحد الأطباء النفسانيين ويدعى جيرالد بلوك Jerald J. Block: بأن مرتكبي جريمة القتل كليبولد وهاريس كانا مولعين بألعاب رقمية عنيفة مثل دوم وولفينشتاين Doom & Wolfenstein 3D والتي يمكن الحصول على نسخة منهما على الإنترنت. ويضيف جيرالد بلوك بأن الحماس والغضب الذي كان ينتابهما أثناء ممارسة تلك الألعاب العنيفة قاما بتفريغه على أرض الواقع. وفي استطلاع أجرته إحدى الوسائل الإعلامية أشار خلاله أكثر من 95% من المشاركين والمشاركات في التصويت إلى قناعتهم الكاملة بأن الألعاب الرقمية العنيفة التي يشترونها طواعية لأطفالهم تمثل خطرًا حقيقيًا يهدد الطفل، لما لها من تأثير سلبي على سلوك الطفل والمراهق وتكرس فيه الميل نحو الجريمة والسلوك العنيف، وهو ما يعد في المحصلة النهائية تهديدا حقيقيا ليس على مستوى الأفراد وحسب، ولكنه يمتد ليطال المجتمع بأكمله. ويشير تقرير أعده أحد المراكز المختصة إلى أن نسبة كبيرة من الألعاب الرقمية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين وتدمير ممتلكاتهم والاعتداء عليهم بدون وجه حق، وتعلم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات ترتكز على العنف ونتيجتها الجريمة وهذه القدرات مكتسبة من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب. ويذكر كليفورد هيل Clifford Hill المشرف العلمي السابق في اللجنة البرلمانية البريطانية لتقصي مشكلة الألعاب الرقمية في بريطانيا: بأن الألعاب الرقمية اغتصبت براءة أطفالنا أمام أعيننا وبمساعدتنا، بل وبأموالنا أيضا، وحتى لو صودرت جميع هذه الألعاب فإن الأمر سيكون متأخرا للغاية في منع نمو جيل يمارس أشد أنواع العنف تطرفا في التاريخ المعاصر. وفي دراسة في كندا لثلاثين ألف من هذه الألعاب الرقمية تم رصد اثنين وعشرين ألفًا منها تعتمد اعتمادًا مباشرًا على فكرة الجريمة والقتل والدماء. بالإضافة إلى ذلك، لا تكتفي بعض الألعاب بالقتل فقط، بل تفسح المجال لبطل اللعبة بتقطيع الخصم بأنواع مختلفة من الأسلحة وبطرق وأساليب متنوعة، وقد يمكن ملاحظة انتشار ظاهرة استخدام السكاكين والأدوات الحادة من قبل بعض طلبة المدارس، وكذلك بعض المراهقين في أماكن مختلفة، والذي يمكن تفسيره بإمكانية تأثر هؤلاء المراهقين بألعاب العنف الرقمية مما ينعكس سلبا على سلوكياتهم.