كتابة القصائد الشعرية آليًّا تعد تحديًّا كبيرًا لأنظمة الكمبيوتر، وذلك لأن القصيدة، لتكون ذات قيمة، فإنه يلزم توفر عدد من المعايير الأدبية والفنية بها، وأي نظام بناء للقصائد بشكل آلي يجب أن يتقيد بتلك المعايير أثناء التأليف، ليس ذلك فحسب، بل إن أي نظام ذكاء اصطناعي يحاول تأليف وكتابة قصيدة، فإنه يلزمه أن يتعرف على موضوع القصيدة أولا، ومن ثم استخدام الأدوات اللغوية المناسبة لذلك الموضوع. تمكنت أنظمة الكمبيوتر من العمل على الكتابة الآلية للقصائد الشعرية منذ بدايات عام 2000، وذلك ببرمجة الكمبيوتر ليعمل على اتباع القواعد الأدبية ولو بشكل مبسط لتأليف القصائد، كالنظام الذي عمل عليه البروفيسور (Pablo Gervas) في الجامعة الأوروبية (Universidad Europea)، حيث كان نظامه قادرًا على كتابة الشعر باللغة الإسبانية، ومنذ ذلك الحين، والعمل ما زال مستمرًا في مجال الكتابة الآلية للقصائد، بمختلف اللغات كالإسبانية والفرنسية والإنجليزية، وبالرغم من أن تلك الأنظمة في بداياتها لم تكن تعمل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن نتائجها آنذاك كانت مبشرة. في السنوات الأخيرة ومع التقدم الكبير في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، قام عدد من الباحثين حول العالم بمحاولة تدريب الخوارزميات على القيام بالكتابة الآلية للقصائد الشعرية، حيث تنوعت التجارب في هذا المجال، والتي منها ما قام به الدكتور تشنقشنق زانق (Xingxing Zhang) إبّان دراسته بجامعة أدينبرا (University of Edinburgh) حيث استخدم أحد خوارزميات الذكاء الاصطناعي لكتابة القصائد باللغة الصينية، وقد كان نظامه يعمل على التنبؤ بالسطر التالي للسطر الحالي من الجملة، وبذلك يمكن للنظام إكمال بناء القصيدة بشكل آلي. تعتمد كثير من أنظمة الذكاء الاصطناعي والتي تقوم على الكتابة الآلية للقصائد، على التدرب على كم كبير من قواعد البيانات، إذ تحتوي قواعد البيانات التي يتم استخدامها في تطوير تلك الخوارزميات عددًا من الأمثلة، لقصائد وأبيات تمت كتابتها من قبل الأدباء، ومن خلال تحليل تلك القصائد، تتعلم الخوارزميات كيفية التأليف بنفسها، إلا أن أحد العلماء في معهد تولوز لأبحاث علوم الحاسب (Toulouse Institute of Computer Science Research) بفرنسا، وهو الدكتور تيم فان دي كرويز (Tim Van de Cruys) قام بعمل مغاير للمعتاد، وذلك بمحاولة تصميم خوارزمية يمكنها كتابة القصائد دون التدرب على أي أبيات شعرية، بمعنى أن الدكتور تيم، عمل على جعل نظامة يطّلع على قواعد معلومات عامة، فيها كم كبير من النصوص المكتوبة عن مختلف المجالات، ومن ثم يقوم نظامه بمحاولة تنظيم النص المولد ليشكل أبياتًا شعرية بشكل آلي حول موضوع محدد. تم اختبار نظام الدكتور تيم على اللغة الإنجليزية واللغة الفرنسية، وقد تمكن نظامه من التأليف الآلي لعدد من القصائد، التي وبالاطلاع عليها تعد لا بأس بها.