قبل نحو عام، وفيما كان العالم ينتظر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، شن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، حملة عسكرية على منطقة تيجراي في شمال بلاده. قد تعهد «آبي» في بداية العمليات العسكرية بأنها ستكون سريعة ومحددة الهدف، إلا أنها استحالت حربا طويلة، حصلت خلالها مذابح وعمليات اغتصاب جماعي وتهديد وشيك بالمجاعة. بداية الحرب قال حائز جائزة نوبل للسلام في 2019 إن هدفه منذ البداية هو احتجاز ونزع سلاح قادة «جبهة تحرير شعب تيجراي»، الحزب الإقليمي الحاكم الذي هيمن على السياسة الوطنية لثلاثة عقود. وأكد أن هذه الخطوة لا مفر منها، بعدما شنت الجبهة هجمات على معسكرات للجيش في المنطقة. لكن حملة «آبي» العسكرية جاءت بعد أشهر من التوترات بين الجانبين مع شكوى قادة «جبهة تحرير شعب تيجراي» من تهميشهم. وبعد أسابيع قليلة من الضربات الجوية والاشتباكات العنيفة، سيطرت القوات الفيدرالية على العاصمة الإقليمية «ميكيلي» أواخر نوفمبر، وأعلن «آبي» النصر. ومع ذلك، في الأشهر التي تلت تلك الهجمات نفذت الجبهة حملة مضادة ناجحة. بعد ذلك، شنت «جبهة تحرير شعب تيجراي» هجمات على منطقتي «عفر» و«أمهرة» المجاورتين. وقال قادتها إن أهدافهم كانت حرمان قوات «آبي» من فرصة إعادة التجمع، والدخول مجددا إلى «تيجراي»، وكسر ما تصفه الأممالمتحدة بأنه حظر للمساعدات الإنسانية. بدوره، دعا «آبي» إلى تعبئة جماهيرية ضد الجبهة، التي صنفتها حكومته رسميا بأنها «جماعة إرهابية». في الأسابيع الأخيرة، تركز القتال في «أمهرة» بجنوب تيجراي. الوضع الحالي يعاني جزء كبير من شمال إثيوبيا انقطاع الاتصالات. كما أن وصول الصحافيين مقيد، مما يصعّب التحقق من الوقائع في ساحة المعركة بشكل مستقل. ولم يستبعد غيتاتشو رضا، الناطق باسم الجبهة، تنظيم مسيرة إلى أديس أبابا. وقال لوكالة «فرانس برس»: «إذا كان هذا هو ما يلزم لكسر الحصار على تيجراي، فلم لا؟». شهدت «تيجراي» اشتباكات قليلة منذ أواخر يونيو، لكن القوات الجوية الإثيوبية شنت سلسلة من الضربات الجوية على الإقليم في الأيام الأخيرة، مما أسفر عن مقتل 4 مدنيين على الأقل، وإصابة آخرين. تقول الحكومة إن الضربات استهدفت منشآت للمتمردين، بما فيها مراكز تدريب، لكن «جبهة تحرير شعب تيجراي» تقول إنها لا تأبه بحياة المدنيين. الوضع الإنساني ذكر مسؤول كبير في الأممالمتحدة، أمام مجلس الأمن في يوليو، إن أكثر من 400 ألف شخص في تيجراي «على شفير المجاعة»، والأوضاع تتدهور منذ ذلك الحين. وأوضح ناطق باسم وزارة الخارجية الأمريكية ل«فرانس برس»، في سبتمبر، أن الخدمات الأساسية، بما فيها الكهرباء والمصارف والاتصالات، «ترفض الحكومة الإثيوبية تقديمها»، معبرا عن أسفه ل«مؤشرات حصار». تقدّر الأممالمتحدة بأن 100 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية وغير الغذائية يجب أن تصل إلى «تيجراي» يوميا، لتلبية الحاجات على الأرض. ومع ذلك، فإن العدد الفعلي الذي يدخل المنطقة منذ منتصف يوليو يصل إلى 15 % فقط من ذلك. في وقت سابق من الشهر الجاري، وثقت «فرانس برس» حالات وفاة جوعا في أجزاء عدة من المنطقة، مستندة إلى وثائق داخلية من مجموعات إغاثة نشطة في الإقليم. قد نزح مئات الآلاف من المدنيين بسبب القتال في «عفر» و«أمهرة»، مما أثار مخاوف من أن المعاناة على نطاق واسع قد تمتد إلى ما بعد «تيجراي» إذا لم تكن قد امتدت بالفعل. وقد تعرقلت الاستجابة الإنسانية جراء الخلافات مع الحكومة حول الموظفين.