إنّه في كل موقف له، يأبى إلا وأن يأسر قلوب من يسمعه ويراه فيه، بتواضعه الجم النابع من صدق إيمانه بما يقول ويعمل، والخُلق الكبير الذي استمده من تربية أبيه المؤسس طيب الله ثراه وحياة الصحراء التي أعطته من حكمتها وفطرتها وجلدها وبُعد النظر، إنه باختصار رجلُ ملكٍ قلّ أن ينجب الزمان أمثاله، أنعم الله عليه بالملك فلم ينسه ذلك أنه مواطن وإنسان يحملُ أمانة الملك الذي لم يغره إلا ليكون خادما للحرمين الشريفين، وخادما للشعب السعودي الذي أحبّه بإخلاص وتفان لا نظير له منذ أول مناصبه في الدولة السعودية، وهو يقف خلف أبيه المؤسس وحتى وقوفه مع إخوانه الملوك حتى تولى هو أمانة مُلك هذه البلاد العظيمة، فأحبّه السعوديون صغيرهم وكبيرهم، نساؤهم ورجالهم أيضا بتفان وإخلاص، وكانت مبايعتهم له هي مبايعة الوفاء للوفاء، التي تتجدد اليوم الخميس لتمر علينا الذكرى السابعة لمبايعة السعوديين لحبيبنا ووالدنا الحنون" أبو متعب " . كنت أفتش بين أقواله وخطاباته للشعب السعودي والتي نشرتها الصحافة من قبل كي أختار منها شيئا أنقله لكم، ووجدت أنه قبل 80 يوما تقريبا من اليوم حين التقى الوفد المشارك من الزميلات والزملاء الإعلاميين والصحافيين في اللقاء الوطني التاسع الذي عقد مؤخرا حول "الإعلام السعودي.. الواقع وسبل التطوير"، قال أبو متعب رعاه الله :"وطنكم مثل ما أنتم شايفينه، ولله الحمد، الأمور إن شاء الله هادية فيه ومستقرة ولكن ما فيه شك أنا لست مقتنعا إلى الآن، في رأسي أكثر من الذي صار، وإن شاء الله إنه سيتحقق بجهودكم معي، جهود الشعب السعودي معي، لأني أنا بدونكم لا شيء، بدون الشعب السعودي أنا لا شيء، أنا فرد منكم وإليكم، وأستعين بالله ثم بكم .." إلى آخر كلمته، تجد أنها تلخص لك طموحات أبي متعب التي لم تنته حتى الآن وما زال يحلم بالكثير من أجل شعبه، هذا الشعب الذي يجدُ نفسه واحدا منه لا مجرد ملك عليه، وهل هناك أكثر من هذا التواضع الجم وهذه الصراحة الشفافة مع أبنائه وبناته، وهو يقول" بدون الشعب السعودي أنا لا شيء" فما أعظم حكمة صاحب هذه الكلمة وما أقدره على أداء الأمانة لشعبه وما أجلّ وفاءه وكريم أخلاقه مع أبنائه وبناته. وبصدق منذ أيام، كنتُ أفكر في إعداد هذه المقالة، استعدتُ ذكرى اللقاء بالملك الإنسان حين تشرفتُ به ضمن أول وفود السعوديات اللاتي بايعنه بتولي الملك في أولى سنوات توليه الحكم، ضمن 40 من المثقفات والإعلاميات بتنظيم من وزارة الثقافة والإعلام آن ذلك، ولا يمكن أن أنسى كلماته الحنونة لنا كبناته، ولا حكمته ولا احترامه لهذه المرأة التي هي شريكة حياة له أماً وزوجةً وابنةً وأختاً، وأذكر حين انتهت الأخت التي تولت قراءة طموحاتنا وأحلامنا كسعوديات ومواطنات بهذا الوطن له، جاء صوته كوالد حنون بكلمته لنا "أنتم بناتي وبنات هذا الوطن وإن شاء الله أنا معكم". كانت كلمته هذه صدقتها أفعاله وقراراته الملكية لصالح المرأة السعودية خلال السنوات التي تولى فيها حكم هذه البلاد الطاهرة، وحتى السنة الماضية حين اتخذ قراره الحكيم بضم المرأة إلى مجلس الشورى والمجالس البلدية ترشيحا وتصويتا، معلنا بذلك أولى خطوات مشاركاتها السياسية بعد أن مهد لها بتفعيل دورها في تولي المناصب القيادية بأول القرارات في تعيين نورة الفايز نائبة وزير التربية والتعليم بمرتبة وزير، ليتأسس بذلك وجود المرأة السعودية في مثل هذه المناصب، ملبيا طموحات بناته السعوديات التي لا تتوقف حدودها بما تقدمه مسيرة خيرة الأسماء النسائية ممن وصلن ونجحن وتحدين صعاب الأعراف والمعرفة في مختلف المجالات الأكاديمية والأدبية والإعلامية والطبية والعلمية، ليحققن حضورا ليس على المستوى المحلي فقط بل الدولي، فالمرأة السعودية وصلت إلى العالمية علما ومنصبا سابقة زميلها الرجل السعودي، لتثبت أنها متى ما مُنحت الفرصة والثقة فهي محل قدرة بما توفرت لديها من الكفاءة والعلم، فإنها تكون ثمرة حصاد وطن عظيم آمن بها. كثيرة هي القرارات التي جاءت في صالح المرأة نابعة من حكمة والدنا أبي متعب، فبحق لقد عاشت المرأة السعودية ربيعا في عهد أبي متعب لم تعشه من قبل، إلا أنها ما تزال تحتاج إلى مزيد من القرارات التي تُعزز مواطنتها كزميلها المواطن، وتسهل عليها حياتها كمواطنة كاملة الأهلية والولاية على أمورها، مثل تجنيس أبنائها من غير السعوديين بسن القوانين والأنظمة الصريحة للقضاء على العراقيل والصعاب التي تواجهها كذلك في قضايا الخلع والطلاق والعضل والحضانة ونزع الولاية ممن لا يصونها، وكثير من الأمور والأنظمة التي تجعل من حياة المرأة السعودية في وطنها أكثر كرامة وتحميها من الاستغلال والإهانة والابتزاز، وأعلم علم اليقين أن خادم الحرمين الشريفين كريم وسيكرمها أكثر فأكثر وسيحقق لها في قادم الأيام عاجلا ليس آجلا طموحاتها الوطنية والإنسانية التي ستصب بالدرجة الأولى في صالح سمعة وطن عظيم ومستقبل عظيم لهذه البلاد الطاهرة، وكيف لا يحصل ذلك، والمرأة السعودية عاشت وستعيش ربيعها في عهد عبدالله بن عبدالعزيز الذي سيسجله التاريخ له في مسيرة الإصلاح التي بدأها وما يزال.