لم يكن التعليم عالميًا في بداية الأمر متاحًا للجميع كما هو الآن، فقد كان مخصصًا لأبناء الطبقات العليا، ولم يكن من الضروري على العمال والحرفيين أن ينالوا حظهم من التعليم، فلم يكن ليشكل فارقًا في حياتهم أو عملهم. استمر هذا العرف الاجتماعي حتى ظهرت الثورة الصناعية وبدأت الحاجة الملحة للعمال المهرة ممن يتقنون الحد الأدنى من المعلومات الصناعيّة والقراءة، والتي بدورها تنفع تلك الصناعات في نمو أرباحها. كان من الضروري في ذلك الوقت أن يكون العمال جميعًا في المصنع الواحد متطابقين في جميع المعلومات التي يملكونها، والسبب في هذا الأمر هو أن ينجح المصنع في تحقيق معايير الجودة التي تسمح له بالمنافسة داخل السوق. بعد ذلك بدأت الحكومات بتطبيق ذلك المبدأ على شعوبها ليس لرفع مستواهم الثقافي والاجتماعي كما تدعي تلك الحكومات، ولكن كان الأمر كلّه يتعلق بتحفيز الاقتصاد للدخول في المنافسة الدولية، مما يعني، أن تبيع أكثر فتكسب أكثر. هذا ما يقودنا لنتعرف على الأغراض الرئيسيّة الأربعة والتي كانت الدافع الحقيقي وراء فكرة التعليم الشامل، وهي: الغرض الاقتصادي: فكانت المدارس تبنى لتحقيق الاهداف الاقتصادية للدول والذي لايزال ظاهرًا ومهيمنًا حتى الآن وإن لم تصرح به الحكومات. الغرض الثقافي: للمحافظة على ثقافة تلك الدول بإخراج جيل من الطلاب المتطابقين مع ثقافة الدولة، وأن يعمل هؤلاء الطلاب ككتلة ثقافيّة واحدة تعتز بقيم ومبادئ الوطن، وتعمل على تعزيزها والتوافق معها. الغرض الاجتماعي: ليصبح الفرد جزءًا من المجموعة ويعمل على حمايتها وترابطها. الغرض الشخصي: والذي يهتم ببناء الفرد وتحقيق متطلباته، وهذا الغرض بالذات كان هو الأضعف على مر السنين وطوال فترة التعليم الشامل وعمره الطويل الممتدة لأكثر من مائة عام. وبالرغم من تأكيد العلماء والمختصين التربويين بأننا نعيش في مجتمع بشري لكلّ فردٍ منه مواهبه الخاصة واحتياجاته، فإن مبدأ (خلية النحل) وتطابق عمل أفرادها لإنتاج العسل دون إضافات مايزال هو السائد في تعليمنا.