كتابة الدراما تحتاج من كاتب النص التخلي عن رُهابه الولادي لينتج نصا يمزج فيه الواقع بالخيال لتمرير رؤاه وإسقاطاته التي يريد، لكن ما تطرحه معظم النصوص الدرامية العربية عموما، والسورية على وجه الخصوص التي تعالج بعض الأزمات السياسية وتأثيرها الاجتماعي قريب من التسجيل التوثيقي، وتحاول بشكل خجول ملامسة جزء بسيط من الحقيقة في رصدها لما يجري، إذ إن أغلبها يحوم حول الأزمة، دون التغلغل في تداعياتها على الإنسان والمكان، فيلجأ الكتّاب إلى المشاهد الإنسانية لدر عواطف المشاهد. فالنص وكاتبه يتأرجحان بين مطرقة وسندان الممول والرقيب، واسترضاء الرقيب هدف الكاتب والمنتج معا، لما له من سلطة قد تُؤثر سلبا في حياة كل من الكاتب والمنتج معا، كما يحصل في تصوير المشاهد، في حال حدوث خطأ كتابي أو بصري أو تخطي الممثل المكتوب والمرسوم له بدقة. خوف كتاب الدراما العربية المزمن يجعل أقلامهم ترتعد وتتلفت في كل اتجاه مخافة أن تدّون في لحظة شرود كلمة، ولو من دون أي قصد، ستكون مورد رزق الرقيب فيبني عليها إحداثيات تقريره، الذي سيأخذ الكاتب برحلة مجانية لا يعرف أحد طريقها. هنا يجب أن نقول لبعض الكتاب: لم يعد هناك مجال لاستغفال المتلقي والمشاهد بعد أن ألّبسته قنوات التواصل الاجتماعي عيني زرقاء اليمامة، فصار يرى ما لا يُرى، ويقرأ بحدسه ما يحاك في الخفاء، ويفضح كلا من الكاتب والمخرج إن أرادا تزوير الحقائق وتشويهها.