محافظ الخرج يزور مهرجان المحافظة الأول للتمور والقهوة السعودية    اكتفاء ذاتي وفائض    سكان جنوب المدينة ل «عكاظ»: «المطبّات» تقلقنا    10 % من قيمة عين الوقف للمبلّغين عن «المجهولة والمعطلة»    وفد "الشورى" يستعرض دور المجلس في التنمية الوطنية    حماية البيئة مسؤولية مشتركة    تأسيس مجلس أعمال سعودي فلسطيني    الرياض تستعد لمؤتمر«ليب»    الرئاسة الفلسطينية تدين تصاعد اعتداءات المستوطنين بالضفة الغربية    إنستغرام ترفع الحد الأقصى لمقاطع الفيديو    قطة تتقدم باستقالة صاحبتها" أون لاين"    أبواب السلام    سيماكان: طرد لاعب الخليج «صعّب المباراة»    الهلال يضرب الوحدة والنصر يعبر الخليج    دوري" نخبة آسيا" مطلب لجماهير النصر    في الجولة 18 بدوري" يلو".. الباطن في مواجهة العين.. وأحد يصطدم بالحزم    سباق درب العُلا 2025 المنتظر يعود نهاية الأسبوع    وفاة الأمير عبدالعزيز بن مشعل بن عبدالعزيز آل سعود    تعديل قراري متطلبات المسافات الآمنة حول محطات الغاز.. مجلس الوزراء: الموافقة على السياسة الوطنية للقضاء على العمل الجبري بالمملكة    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء    المكاتب الفنية في محاكم الاستئناف.. ركيزة أساسية لتفعيل القضاء المؤسسي    علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء    إيجابية الإلكتروني    شيطان الشعر    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان الرئيس التركي في ضحايا حريق «منتجع بولو»    كيف تتخلص من التفكير الزائد    عقار يحقق نتائج واعدة بعلاج الإنفلونزا    ضبط تسع شركات استقدام مخالفة    سوق العيون في المدينة.. ساحة عرض الأسر المنتجة    بيع المواشي الحية بالأوزان    المملكة تُطالب بقيام دولة فِلسطينية    الرئيس ترمب.. و«إرث السلام»!    الدبلوماسي الهولندي مارسيل يتحدث مع العريفي عن دور المستشرقين    بيتٍ قديمٍ وباب مبلي وذايب    يا كثر زينك لو انك ما تزينتي    تأملات عن بابل الجديدة    حفل Joy Awards لا يقدمه إلا الكبار    "رسمياً" .. البرازيلي "كايو" هلالي    خطة أمن الحج والعمرة.. رسالة عالمية مفادها السعودية العظمى    محاذير المواجهة ضد قسد    إعصار واشنطن    انخفاض في وفيات الإنفلونزا الموسمية    متلازمة بهجت.. اضطراب المناعة الذاتية    دهن سير الشهرة بزيت الزيتون    جامعة الأمير سطام تُتوج بكأس الجامعات لكرة القدم "ب"    في جولة "أسبوع الأساطير".. الرياض يكرّم لاعبه السابق "الطائفي"    مفوض الإفتاء في جازان: المخدرات هي السرطان الذي يهدد صلابة نسيجنا الاجتماعي    سعود بن نايف يكرم سفراء التفوق    فهد بن محمد يرأس اجتماع «محلي الخرج»    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالعزيز بن مشعل    حرس الحدود بمكة ينقذ مقيمين تعطلت واسطتهما البحرية    37 برنامجًا ومبادرة لتمكين الصم وضعاف السمع بالشرقية    إنجازات مجتمعية ومبادرات نوعية خلال عام 2024 بالمنطقة الشرقية    ضبط 3.5 أطنان من الخضروات والفواكه ضمن حملة بنطاق بلدية العزيزية بجدة    نائب أمير تبوك يتسلم التقرير السنوي لفرع وزارة الموارد البشرية    انطلاق المرحلة الأولى من برنامج "سفراء المحمية"    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتاتور ووجبة الانتقام الباردة
نشر في الوطن يوم 05 - 10 - 2021

قفز العراق على حالة الركود الحذر المفروض عليه منذ 2003، صناديق اقتراع الانتخابات البرلمانية تُفتح من جديد بعد سنوات من إغلاقها، خيوط العنكبوت وجدت لها مرتعا طويل الأمد في مراكز الديمقراطية، والحيرة تضع بصمتها على صوت الناخب العراقي، والرغبة في اقتلاع الطبقة السياسية الحاكمة بالبلاد هي المسيطرة دون التفكير في التوابع والمآلات، ووحدهما لا يمكن لهما الكذب: الرصاص، والأرقام.
فالرصاص والبنادق حاضران على الدوام، والأرقام تغيب وتأتي من جديد، حسب ما تكون، على هيئة قتلى، أو فاسدين، أو ناخبين، أو ضحايا، وهكذا. لي هنا النظر في الأرقام التي أصدرتها مفوضية الانتخابات العراقية، التي أكدت أنه من المقرر أن يتنافس في الانتخابات المرتقبة 21 تحالفا سياسيا، وسيدخل 167 حزبا المعركة البرلمانية، بينها 58 ضمن التحالفات السياسية المشار إليها، في حين يتقدم 3294 مرشحا، بينهم 951 امرأة، لشغل 329 مقعدا في البرلمان العراقي.
ومن خلال التمعن في تلك الأرقام «المُفككة»، يمكن استنتاج بعض المعضلات التي تخلق مزيدا من التعقيد في المشهد، مثل ماذا؟.
أولا: حالة الانقسام والتشظي التي يعيشها الشارع العراقي، بقيادة طبقة سياسية تواجه اتهامات محلية بالفساد على الأصعدة السياسية والاقتصادية، وحتى الاجتماعية.
ثانيا: عدم مناسبة النظام الذي أُسس بعد رحيل القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، إذ أنه يخدم الطوائف والعرقيات على حساب المواطنة الحقيقية، التي يجب أن تكون المظلة الكبرى لجميع الشرائح العراقية.
ناهيك عن أن النظام الطائفي المُتبع في العراق هو ما وفر المناخ المناسب لتنامي الميليشيات المذهبية، التي أسس لها بعض السياسيين «السابقين»، وسعوا لإقناع الرأي العام العراقي بعجز الدولة منفردة عن حماية أمن الوطن، وأقصد في هذا الجانب نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق نائب رئيس الجمهورية رئيس حزب «الدعوة»، الذي خرج في لقاءٍ متلفز، قبل أيام، لتكريس هذا المفهوم من جديد، وذلك في رسالة مبطنة منه للميليشيات، تؤكد إصراره على توفير الأرضية لها، بينما لو فاز حزبه أو الائتلاف «الشيعي»، الذي سيدخله البرلمان بأغلبية مقاعده، سيُمنحه حق العودة مجددا للمشهد السياسي العراقي كرئيسٍ للوزراء.
وقبل الدخول العميق في الحديث عن الوباء الذي قد يلوح في أفق العراق فيما لو عاد الرجل لرئاسة الوزراء، أريد القول إن المحطة التي أجرت معه حديثا مطولا، الجمعة الماضي، لا تُمثلني كإعلامي، لأنها لم تُراعٍ أدنى معايير المهنية الإعلامية والأخلاقية الوطنية، من خلال استضافتها شخصا طالب يوما بفرض وصاية دولية على بلادي، المملكة العربية السعودية، بذريعة أنها قائدة للإرهاب، وممولة لتنظيمات إرهابية، حسب قوله، متجاهلا أمرين: أن المملكة اكتوت بنار الإرهاب الذي ساقه، وأنه هو نفسه عمل على الزج بمقاتلين من المتطرفين الشيعية للأراضي السورية بعد اندلاع الثورة تحت مبرر حماية المراقد المقدسة.
أعتقد من هنا يُمكن إدراك من يكون مُنتهج سلوك الإرهاب بكل تجلي ووضوح. المُهم تلك الفضائية خدمت «المالكي» عبر الترويج لبرنامجه الانتخابي من حيث لا تعلم، ومنحته الفرصة لتمرير رسائله لميليشياته المتطرفة. أعود للحديث عما وصفته سابقا بالوباء «المالكي»، وأجزم أن وجوده متصدرا الواجهة السياسية سيكون بمثابة بوابة كبرى لعودة الطائفية الموجودة في أساس العراق، ولم تختفِ من بلاد الرافدين، وإنما سيتم فرضها على يد الرجل بشكلٍ أكبر مما سبق، وذلك يعني مزيدا من منح الميليشيات الشيعية المتطرفة شرعية رسمية، لاكتساب علو كعبها على حساب الدولة، وبالتالي اتساع فوهة بركان التفرقة الطائفية والعرقية في دولة مثل العراق، ذات تركيبة ديموغرافية معقدة، بالإضافة إلى العودة لخلع الرداء العربي الذي ارتداه العراق للتو (وإن بشكل جزئي)، وتحويله بمقدراته وقواه البشرية إلى حديقةٍ خلفية لبعض المشاريع المارقة في المنطقة.
أعي أن نوري المالكي، الذي حكم مفاصل الدولة العراقية ثماني سنوات سوداء، تمكن من زرع الكثير من المحسوبين عليه وعلى حزبه وتكتلاته، ممن يجوز تسميتهم «الدولة العميقة» في مؤسسات الدولة، للترويج للمشروع الطائفي، الذي يخدم عراقه «الصغير» على حساب «الكبير»، وذلك ما يتأكد من خلال عرقلة مشاريع ومفاهيم رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي، الذي قدم من أقبية المؤسسة العسكرية، وليس من مراتع الحوزات الدينية، وبدأ عهده بضرورة إعادة العراق للحضن العربي، ومحاربة الفاسدين، إلا أنه واجه عرقلة في الأولى، واصطدم بوحوش الثانية.
إن حزب «الدعوة» في العراق بتحالفاته وتكتلاته السياسية، وزعيمه «المالكي»، يبدو مُتجردا من الصبغة السياسية التي يفترض أن يتحلى به أي كيان يعمل في هذا المجال، ويشبه كثيرا في الشكل والمضمون والخطى الأيديولوجية جماعات «الإسلام السياسي» المنتشرة في العالم العربي، السنية منها والشيعية، مثل جماعة الإخوان المسلمين «الإرهابية»، وحركة حماس «المتطرفة» في غزة، وحزب الله «التخريبي» في لبنان، وجماعة أنصار الله «الشاذة» في اليمن، ويتطابق معها في الرغبة الجامحة لاحتكام الجميع تحت سلاحه الطائفي والقتل وسفك الدم، فتلك الجماعات فاشية، يقودها «مرتزقة»، و«المالكي» كذلك، وهو الذي قال يوما ما:
«أنا شيعي أولا.. عراقي ثانيا».
إنها وجبة انتقام باردة، وهكذا يجب أن تكون، وهو دكتاتور يُجيد طهيها.. صحتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.