من الأسئلة التي تواجه المتقدمين للعمل السؤال عن قيمهم المهنية، لكن ماذا لو سأل المتقدم للعمل الجهة التي يريد العمل فيها عن القيم المهنية التي تتبناها المنشأة! ماذا عنك أيها القارئ، هل تملك الجهة التي تعمل فيها ميثاقا سلوكيا واضحا للموظفين والموظفات؟ إذا كان الجواب لا، فربما حان الوقت لمسؤول الموارد البشرية والتميز المؤسسي والتخطيط الإستراتيجي ليحددوا معا موعدا لورشة عمل للقادة لاختيار القيم الأهم لمنشآتهم والمرتبطة بالخطة الإستراتيجية ثم العمل على صياغة دليل السلوكيات للمنسوبين بلغة واضحة ومباشرة، فالممارسات والأعراف لا تكفي خصوصا في المنشآت الضخمة. وما لا نوثقه لا يمكن قياسه وبالتالي لا يمكن تحسينه أو التعويل عليه. دليل السلوكيات والقيم لا يحمي المنشأة فحسب بل يساهم في حماية الموظفين ويصل بالمنشأة لنضج إداري لا يتأثر بتغير الرئيس أو غيابه، هذا إضافة طبعا إلى ضرورة وجود الميثاق السلوكي للمتابعة والمحاسبة والتطوير. في البيئات المهنية الناجحة يعرف الموظفون قيم منشآتهم ويرون أثرها على الأنشطة اليومية التي يقومون بها، وكلما ارتفعت المكانة الوظيفية تتأكد ضرورة الالتزام بهذه القيم أكثر لأن القائد ببساطة قدوة لموظفيه. من القيم الجامعة في رأيي الصدق، والاحترام، والاتصال الفعال، وإدارة الوقت، والالتزام، والعمل بفاعلية مع الآخرين، وتحمل المسؤولية. هذه القيم تشرح نفسها ويسهل التعرف عليها في أي مرجع سلوكي أو أخلاقي، لكن التطبيق هو الفيصل، فكتابة القيم أو التغني بها لا يضمن وجودها أو تعزيزها، بل يجب العمل على تحديدها وحمايتها خصوصا في المنشآت القائمة والعريقة، والتي تسيطر على مفاصلها غالبا ثقافة محددة يصعب تفكيكها ناهيك عن تغييرها. خلاصة الكلام، أن التغيير الذي تقوده رؤية المملكة لا يسمح بالتباطؤ أو التردد، ولذا يتوجب على المنشآت توثيق القيم التي يعملون من خلالها. يمكن حقيقة للمستفيد الشعور بالقيم من لحظة دخوله للمنشأة، ويمكنه بكل تأكيد الحكم عليها من خلال التعامل مع شخص أو شخصين في الجهة مما يشكل السمعة الانطباعية للمنشأة، والتي تستحق أن نفرد لها مقالا آخر.