هل فعلاً الغريق يتعلق بقشة؟ طرحت السؤال على نفسي، ثم كتبته كي أبحث عن صحة المثل لغويا، كي أبدأ كتابة مقال عن هذه الفكرة، وإذا بي أجد مقالاً يحاكي الفكرة ذاتها في جريدة الغد الأردنية بقلم عاصم منصور، وهذه ليست عبارة ترويجية لِمقال الكاتب، إن الفكرة التي تفكر بها غالبا ما يفكر بها غيرك. تغذية روحية، تنظيف الجسد، تطوير الفكر، تعزيز الثقة بالنفس بأربع دقائق، كيف تتخطى الخذلان بعبارة واحدة، كيف تنتقم اِنتقاما روحيا، الطاقة والجذب، جذب الأحباب، ماذا يقول عنك الرقم الفلاني، من تكون بعد عشر سنوات، كيف تتخطى علاقة دامت خمس سنوات، كيف يعود إليك/ تعودين إليه، الكارما، قراءة الورق، إلخ.. إن ما ينتشر في الآونة الأخيرة عن العلاقات خاصّة، ومن يسعون إلى تحليلها وتقنينها بكلمتين فقط: إما الحب أو الكره، الانفصال أو الارتباط، الرجل الوفي أو المخادع وللمرأة نصيب بأن تكون إما عاطفية أو مستقلة، وهنا لست أدري ما الرابط. والمشكلة ليست بالكلمتين إنما بمن يقومون بالحديث، إلى أي حزب بشري ينتمون؟ التنجيم؟ أم عالم الاستقلالية؟ المشكلة الأكبر: ما الفئة المستهدفة وما نوع العلاقات التي يطمحون إلى اِنجاحها وحل مشكلاتها؟ العلاقات الزوجية؟ أم العلاقات اللا اِسم لها؟ أين المبادئ؟ بأن تصبح العلاقات عروضًا ترويجية للاِنفتاح الفكري وبعض من التحرر العصري؟. لم تُنج القشة يوْمًا من هم في عمق البحر، ولم تكن القشة وسيلة لِنجاة القلوب المنكسرة. إن الكم الهائل من الآراء المختلفة لكل شخص يدعي أنه استشاري علاقات عن طريق منهجية التخمين وإبداء آرائه الفردية وطريقة نظرته للحياة، لا يعد مؤشرا جيدا للنضج الفكري ولا الثقافي للمجتمع، في الحقيقة إنها وسيلة سرقة غير مباشرة لعقول المجتمع. الغريق يتعلق بقشة لتحقيق أحلامه، ويتعلق بكتب كيف تجني المال بأربعة أيام، وكيف تبدأ من الصفر، هنا الغريق ينجو ويسعى، يطمح ويحاول، يأمل ويتخيل بأن القشة سفينة وأن البحر شاطئٌ دافئ. قلبي لا يشبه قلبك، ولا الرجل هذا يطابق عقلية الآخر، ولا يمكن أن تكون المرأة المستقلة معدومة من العاطفة، ولا يُعقل بأن تتخطى وجعك في قرار لحظي، والقدر لا يُقرأ بورقة – لست في صدد تحريم وتحليل- ولا يجوز لك أن تستهتر بقيمة حياتك وترخيصها وتخيلها بأنها ستكشف عن طريق ورقة!.. إن كانت قشتك لا تنجو إلا بكلامهم، فأنت لست بغارِق.