في برنامج "للنساء فقط" في عام 2005 وعلى محطة "الجزيرة القطرية" ذكرت مقدمة البرنامج"لونة الشبل أنه وفقا لدراسة أعدها الباحث المصري محمد عبدالعظيم، فإن العرب يدفعون ما يقارب خمسة مليارات سنويا الى العرافين والمنجمين!!. ويعمل في هذا المجال ما يقارب المليون عراف ومشعوذ، أي بمعدل 300 عراف لكل فرد عربي. كما أن 50 بالمئة من النساء كما يذكر الباحث يلجأن الى المُنجم من أجل ثلاثة أمور أساسية:الخوف من العنوسة، الخوف من الطلاق، والخوف من انصراف الزوج الى امرأة أخرى!!. كما أظهرت الدراسات أن المجتمعات التي تعاني من الحرمان العاطفي والتفكك الأسري والأزمات الاقتصادية، تحتاج وتفتقد الدعم النفسي والمعنوي. فيصبح أفرادها أكثر ميلا الى التنجيم بما يتضمنه من متابعة الأبراج وقراءة الطالع. فهناك على سبيل المثال في فرنسا حوالي خمسة ملايين فرنسي يطالعون الأبراج يوميا لمعرفة كيف ستؤول اليه علاقاتهم!!. كما أن في فرنسا حوالي الخمسة الاف عرافة!!. يذكر كتاب"علم التنجيم" لعبود قرة أن حرفة التنجيم اتسعت في ألمانيا وازداد عدد ممتهنيها من أربعة آلاف عام 1981 الى سبعة عشر ألف منجم عام 1997. وبلغت نسبة من يؤمن بالتنجيم من الشعب الألماني حوالي 54 بالمئة!!. إذن حتى في الشعوب المتقدمة والتي قطع افرادها شوطا كبيرا في الثورة المعرفية والتكنولوجية هناك اطراد في نسبة من يؤمن بالتنجيم ومن يمارسه كذلك! مع أن المتوقع أن تكون العلاقة بين العلم والتنجيم عكسية فكلما زاد المستوى العلمي قل الاقبال على التنجيم!! ولكن يبدو أن الأمر ليس كذلك!!. ظاهرة التنجيم يبدو أنها قديمة قدم الانسان نفسه!وكأن الانسان ييأس من أن يجد حلولا واقعية على الأرض، فيعتقد أن الحلول في السماء!!ومثلما تذكر الدراسات يزداد التردد على المنجمين عند مرور الانسان بظروف سيئة وعند الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمعات عموما!!. كما أن هناك من المشاكل والأمور ما يستعصي حلها على الانسان بكل الطرق العقلانية الممكنة! فهنا يطرق باب التنجيم لعله يحل له ما عجز عقله عنه!!. ويبدو أن العلاقة أعقد من أن نبسطها هكذا بقولنا"ما العلاقة بين العلم والتنجيم" لأن الانسان لا يتقدم علميا فقط! بل تمر به ضغوط وأعباء ومشكلات تترافق مع هذا التقدم العلمي وتدفعه لطرق باب التنجيم! طبعا هنا لا أبخس أهمية العلم وكون الانسان المتعلم ينتظر منه ما لا ينتظر من غيره! لكن المغزى أن الاقبال على التنجيم تقف وراءه عوامل عديدة أبعد من وعي الانسان وثقافته مثلا والتي دائما ما نركز ونعول عليها كثيرا!!. وللحديث بقية بإذن الله في المقال القادم. لمراسلة الكاتب: [email protected]