في يومٍ ما دخلتُ أحد المحلات النسائية، وإذا بالبائعات الثلاث يحملن هواتفهن، مسترقات النظر إليها، غير آبهات بدخولي كزبونة أسلم بصوت عال، لجلب انتباهن، لتقوم إحداهن متثاقلة ومزمجرة، لتقف أمامي كالصنم، دون أن تتفوه بأي كلمة فقط نظرات حانقة من أسفل النقاب، لا أدري إن كان دخولي عليها قد عكر هدوءهن غير المعتاد، فطبيعة المحلات هكذا خالية من الهدوء مكتظة بالزبائن.. أملي عليها ما أريد كي أكسب الوقت وأختصر البحث، فإذا بها تتثاقل لجلبه جاهلة مكان وجوده. بينما المحل الآخر، والأهم بالنسبة للنساء وهي مستحضرات التجميل، التي يجب على البائعة أن تكون ملمة بجميع المنتجات والماركات، وكيفية استخدامها كي تساعد زبوناتها، وجدتهن على العكس لا يفقهن شيئاً، وضعن كواجهة للمحل، تحت مسمى تأنيث المحلات، أو بالأحرى جهل البائعات. مانحتاجه هو الإلمام الكافي بجميع منتجات المحل، واستقبال الزبونات بوجه بشوش، وكلمات لطيفة في التعامل، كي يتسنى لنا التبضع في أجواء خالية من التوتر، وهذا الكلام لا يعمم على الجميع، بل على العكس فوائد التأنيث كثيرة، وأهمها أنها أراحت النساء من الإحراج، والتكلم بأريحية مع قريناتهن في عرض طلباتهن الشرائية. كما توجد عاملات مثقفات، وبفضل ثقافتهن تزداد المبيعات ويرتفع المردود المادي لمحلاتهن، من خلال استقبالهن وكيفية تعاملهن مع الزبونة. فتأنيث المحلات مهنة كباقي المهن، فلابد من دعم هذه المهنة، والشد من أزرهن كموظفات وتقديم العون لهن، من خلال إقامة الدورات المكثفة، كي يكن أكثر وعيا وثقافة بمهنتهن، وعلى دراية بجميع المنتجات كي يساعدن الزبونة، التي قد تكون أحياناً جاهلة بما تريد وبما يناسبها، فيساعدنها في الاختيار بروح جميلة ووجه مبتسم، فيكون المحل في الأخير قد ثقف عاملاته وكسب زبوناته.