خلافا للمفهوم السائد عن الإجازة تعتبر المعلمة تهاني الأحمد، وهي متزوجة وأم لخمسة أطفال الإجازة فترة إجهاد إضافية لا استرخاء فيها. تقول "الإجازة في معناها الحقيقي هي أن أجيز لنفسي ولأسرتي ما لم أكن قادرة عليه مسبقا في فترة العمل المتواصلة من التدريس، إلى التحضير، فالتصحيح، وأعمال أخرى يتطلبها عملي، وتأخذ قدرا كبيرا من راحتي وراحة أسرتي". ولكن الأحمد لم تجد ما تتمناه، والسبب في ذلك زوجها الذي يعمل ويتابع ويراقب، ويترقب كل شاردة وواردة في المنزل، تقول: "بدلا من أن نجلس أنا وزوجي في الصباح الباكر في أحد أركان المنزل الهادئة لنتناول قهوة الصباح، ونرخي الحواس لسماع صوت الطبيعة في ذلك المكان الذي اجتهدت كثيرا في تصميمه، يترجم زوجي الإجازة حسب رغبته إلى نوع آخر من العمل المتواصل وغير المريح فعليا، ويسبب لي مزيدا من التوتر والضغط النفسي". وتابعت: "في كثير من الأوقات أدخل مع زوجي في شجارات مستمرة طيلة أيام الإجازة، والسبب في ذلك طبيعته اللحوحة، فهو ينتهز فرصة الإجازة لينغمس في عمليات الإصلاح المنزلية من حدادة، ونجارة، وإعطاب هذا وتلف ذاك، وأصبح كأني أقبع في ورشة، أستيقظ على ذلك الإجهاد طيلة أيام الإجازة، خاصة أنه رشحني لأن أكون مساعدته في تلك الأعمال، دونما أية مبالاة لأيام الإجازة التي سرعان ما تنتهي وتذهب هباء". وهكذا تتحول الإجازة لدى البعض من وقت للراحة إلى وقت للإجهاد الإضافي، فتصبح إجازة سريعة العطب تثير الأعصاب، وتجلب التوتر، والضغوط النفسية. حال المعلمة "تهاني" لم يكن بعيدا عن حال الموظف الحكومي فواز حماد الضويحي، حيث يقول: "الإجازة الصيفية فقدت المعنى الحقيقي لها، وذهب المعنى إلى أبعد من كونها فترة راحة واسترخاء وتقارب أسري". ويضيف أن "العديد من الأسر في مجتمعاتنا العربية تربط معنى الترويح عن النفس بكثرة الأكل والشرب، والشراء، والسفر، وجميع ما سبق مكلف ومجهد لاقتصاد الأسرة". وتابع الضويحي قائلا: "بعض الزوجات لا يدركن المعنى الحقيقي للإجازة، وأن الهدف الأساس منها هو الهروب من ضغط العمل إلى راحة البال، فما إن تبدأ الإجازة حتى أجد نفسي محاصرا بألوان من الضغوطات التي لا حصر لها، وتنتهي إجازتي من حيث بدأت، وأخرج منها مثقلا بالتعب والإرهاق المعنوي والمادي". ويشاطره الرأي الموظف عبد العزيز مخلف الشمري الذي يقول: "تبدأ الإجازة، وتبدأ معها ثورة الغضب من زوجتي، وكأنها البركان الخامد الذي ينتظر فقط الفرصة لقذف حممه، فتبدأ طلباتها التي لا تنتهي، فمن مجاملة هذه إلى زيارة تلك، وأنا في المقابل أنهكتني كثرة التنقلات، والزيارات، والمجاملات العائلية"، مشيرا إلى أن ابنته الصغيرة أطلقت عليه لقب"درايفر" من كثر ركوبه السيارة يسابق الزمن حتى يصل إلى منزل هذا وذاك..! وعن معنى الإجازة قال: "الإجازة باختصار تعني راحة البال، والاسترخاء، والتقارب الأسري، فأنا أرغب في فترة استرخاء أقضيها مع عائلتي دونما أية منغص ينغص علينا، فلطالما أبعدتنا أيام العمل عن بعضنا البعض". من جانبها أكدت اختصاصية الإرشاد النفسي مريم العنزي على أهمية الإجازة الصيفية، وضرورة اغتنامها، وعدم إهدارها فيما يؤثر على الراحة النفسية، وبالتالي تكون النتائج سلبية وعكسية لا تؤتي ثمارها والهدف منها. وقالت: "أهم فائدة للإجازة الصيفية هي تجديد النشاط، وكسر الروتين اليومي المعتاد خلال فترة العمل. وعن وسائل الاسترخاء والراحة التي تجدد الحيوية، قالت: "السفر وسيلة للاسترخاء، ولكن في حدود إمكانات الأسرة وممارسة الهوايات المحببة، والأنشطة المفيدة".