نظمت ثلاثة مراكز بحثية كبيرة في واشنطن هي "أميركان إنتربرايز انستيتيوت" و"نيو أميركا فاونديشن" ومركز الأمن الأميركي الجديد، مؤتمرا حول سياسة الولاياتالمتحدة تجاه الشرق الأوسط خلال هذه المرحلة المتقلبة من تاريخه.. وألقى الكلمة الافتتاحية في المؤتمر دينيس روس الذي ترك البيت الأبيض منذ أشهر قليلة بعد أن عمل مستشارا للرئيس باراك أوباما لشؤون ما يسمى بالمنطقة الوسطى أي الشرق الأوسط الكبير، كما سبق أن عمل مستشارا لوزيرة الخارجية هيلاري كلينتون للشؤون الإيرانية وعضوا في مجلس الأمن القومي في إدارة الرئيس جورج بوش ومسؤولا عن تخطيط السياسات في وزارة الخارجية في عهد الرئيس بيل كلينتون. وتناول روس الوضع السوري بإسهاب موضحا أن الوقت قد حان لبحث إقامة منطقة عازلة في شمال سورية، قائلا إنه يجب على العرب أن يخيروا موسكو بين مصالحها معهم أو مع بشار الأسد. واعتبر أن استمرار الوضع على ما هو عليه الآن يهدد البلد بالتقسيم بل وبما هو أسوأ. وأوضح قائلا "أعتقد أن الوقت ملائم لمناقشة إقامة منطقة عازلة.. لقد أقمنا منطقة عازلة في شمال العراق عام 1991 ولم يسفر ذلك عن نشوب حرب كما يخشى البعض في الوقت الحالي عند مناقشة هذه القضية في حالة سورية. وأنا أعتقد أن هذا أمر يجب أن يناقش الآن لأن بوسعه أن يغير ميزان القوى على الأقل من الناحية النفسية إن لم يكن أيضا من الناحية الموضوعية". وتساءل روس عن الكيفية التي يمكن بها التعجيل برحيل الرئيس بشار الأسد قائلا إن تعديل الموقف الروسي هو أمر هام وإن إجبار موسكو على الاختيار بين مصالحها في المنطقة أو مصالحها في سورية قد يساعد في ذلك. وأضاف "ما ينبغي أن أقوله هنا هو أنه كلما طال الوضع الحالي تعاظم تآكل السلطة المركزية وكلما تعمق الانقسام الطائفي زادت مخاطر تقسيم سورية.. والسؤال المحوري هو ما يجب علينا أن نفعل للتعجيل برحيل الأسد.. وكيف يمكن أن نغير ميزان القوى في سورية طالما أننا ندرك أن بقاء الأسد سيصل بالبلاد إلى تلك النتائج الكارثية. وفي مستوى معين فإن ذلك يتطلب أن يغير الروس موقفهم وهو أمر لا يبدو على وشك أن يحدث كما يتضح من تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأخيرة. وربما يؤثر في الحسابات الروسية أن يقول العرب لموسكو إن عليها أن تختار بين مصالحها معهم أو مصالحها مع الأسد ولكنها لا تستطيع أن تحصل على الأمرين معا". وتابع "وأعتقد أن على الروس أيضا أن يدركوا أن بوسعهم أن يلعبوا دورا أساسيا في الإشراف على العملية الانتقالية أو أن العالم سيتوقف عن الذهاب إلى موسكو طلبا للمساعدة لأنني أعتقد أنهم يحبون أن يكونوا في المكان الذي يذهب إليه الجميع بحثا عن حل. والأمر الثاني هو ضرورة التواصل مع العلويين السوريين وهناك دول عربية مؤثرة لديها علاقات طويلة معهم ويمكن تقديم مجموعة من الضمانات لهم فحواها أنهم كلما ظلوا يقاتلون مع الأسد قلت تلك الضمانات التي يمكنهم الحصول عليها حول وضعهم في سورية ما بعد النظام الحالي". وقال روس إن هناك أساليب أخرى مثل منع سفر المسؤولين وتشديد العقوبات. وتابع روس أن أنظار العالم تتركز الآن على القوى التي تحكم البلاد التي شهدت اضطرابات شعبية في الآونة الأخيرة لاسيما أن الأوضاع الاقتصادية في أغلب تلك البلدان وصلت إلى حافة الانهيار. وقال "في مصر مثلا يعيش أكثر من 40% من السكان على دولارين أو اقل في اليوم. والسؤال الآن هو ما إذا كانت السلطة الجديدة ستدير البلاد بحكمة؟". وحول إيران قال روس إن الإيرانيين ظنوا أن الأوضاع في العالم العربي في الآونة الأخيرة تتيح لهم فرصة استراتيجية جديدة في المنطقة إذ إن اصدقاء الولاياتالمتحدة يخسرون ومن ثم فإن طهران ستكسب. وتابع "إلا أن موقف طهران الذي دعم إحدى حلقات الثورة في سورية أظهر حقائق كثيرة أمام الشارع العربي. وأعتقد أن الأغلبية الساحقة من العرب تؤيد الشعب السوري في ثورته بل إن تلك الأغلبية لا ترى أنها فكرة جيدة أن تحصل إيران على سلاح نووي".