منذ سنوات قليلة كان لدينا وزارتان. واحدة للتجارة وأخرى للصناعة، وكلتاهما بجهاز إداري متكامل في مبنى مستقل لكل منهما، وشاءت الأقدار أن يتم الدمج بينهما، مما ألحق الضرر بهذين القطاعين والعاملين في حقليهما، والمستفيدين من خدماتهما. وفي ظل الوضع الحالي القائم فإن هذين القطاعين وهما (عصب الاقتصاد) أصبح أحدهما عبئاً على الآخر. فلا التجارة أفلحت في تنشيط الحركة التجارية بما فيها (الترانزيت) وتحرير تجارة التجزئة والمنشآت الصغيرة، والحد من التلاعب بالأسعار والسلع المغشوشة الضارة بصحة المجتمع والمؤدية للإعاقة والوفاة ومعها المعارض والمهرجانات التجارية المفرطة في تسويق سلع رديئة (أبو ريالين) .. ولا الصناعة نجحت في القيام بدورها المأمول، بالنهوض بهذا القطاع وأخذ نصيبه من اهتمام الدولة من رعاية وتشجيع ودعم للصادرات واستقطاب للمستثمرين. الوزارة بجناحين أحدهما اهتماماته ومسؤولياته استقطاب مستثمرين لتأسيس مشاريع صناعية جديدة وتذليل الصعوبات والعوائق أمام المشاريع الصناعية القائمة، وتسويق منتجاتها، والبحث عن منافذ خارجية تسويقية لصناعة وطنية، والتأكد من وفرة المواد الخام واللقيم الصناعي لمساعدة المصانع وتشجيعها على زيادة الطاقة الإنتاجية، كمصانع الأسمنت مثلاً. وما نتج عن قرار منع دخول الشاحنات من ضرر وإرباك لحركة الإنتاج الصناعي والعمراني والتجاري وتلف لبعض المواد التي تحتاج إلى تخزين أو استعمال سريع كالخرسانة الأسمنتية، في حين الجناح الآخر مسؤولياته أكثر من أن تحصى تهم المواطن و المقيم، وهو الحد من تعدد الأزمات وتكرارها ومعالجة القضايا الناتجة عنها وحماية المستهلك وتوعيته وترشيد الاستهلاك والاطمئنان على توفر السلع كماً وكيفاً واستقراراً لأسعارها بما في ذلك المخزون المناسب من (السلع الاستراتيجية)، والحد من وباء التستر أحد أسباب البطالة المستنزف لخيرات الوطن الضار باقتصاده. المسؤول عندما يقود وفداً اقتصادياً سعودياً للخارج، أو يستقبل وفداً أجنبياً مقبلاً للمملكة، فإن من أولى اهتماماته تسويق المنتجات السعودية واستقطاب المستثمرين الأجانب لمختلف المجالات التنموية، والأولوية لتأسيس المشاريع الصناعية. كما لابد وأن يكون هناك تباين في المصالح والأهداف فيما بين أعضاء الوفد المرافق باعتبارهم فريقين متنافسين بعض منهم باحث عن مستوردين لصناعة سعودية، في حين يحرص الآخر على الفوز بسلعة أو خدمة أجنبية يسوقها داخل المملكة ومن الصعوبة بمكان أن يتم التوفيق بين الصناعة والتجارة باعتبارهما قطاعين متنافسين في المصالح متضادين في الأهداف. وفي هذا المجال على الوزارة أن تضع حداً للقرارات المفاجئة التي أضرت بالتجارة والصناعة حين تفاجئنا الشاحنات بعد وصولها للمنافذ الحدودية بالمنع والعودة بحمولتها دون مقدمات أو سابق إنذار، مما أخل بالعقود المبرمة مع الأطراف الأجنبية وأفقدها المصداقية بمواعيد التسليم وأضر بالصناعة، هذا وتفادياً لذلك فإنه يمكن فتح المجال لعدد من السلع كالحديد والأسمنت وغيرها من السلع أمام الراغبين في الاستيراد والتصدير والعمل بنظام (اقتصاد السوق) وهو جزء من السياسة الاقتصادية التي دأبت المملكة على العمل بها منذ نشأتها، وترك الخيار للمستهلك مع التأكيد على قيام الأجهزة المعنية بدورها الرقابي فيما يتعلق بمراقبة الجودة والأسعار ووفرة السلع. إذن فإن الأمر يتطلب (فصل التوأمين) خاصة وأن المقومات من هياكل إدارية وفروع ومبان وأجهزة وأنظمة ولوائح منظمة للعمل قائمة منذ سنوات، والصورة واضحة وجلية للمجتمع بشقيه الصناعي والتجاري مادام هذان التوأمان في سن مبكرة، وإعادة الصناعة إلى سابق عهدها وسيرتها العطرة في عهد غازي القصيبي رحمه الله، والمهندس الزامل رعاه الله، مع الدعاء للدكتور توفيق بالنجاح، أملاً في تمكين الصناعة الوطنية في هذا العهد المبارك من الحصول على نصيبها من هذه الطفرة التنموية بالحد من الاستيراد و إحلال المنتج الوطني محل الأجنبي ما أمكن ذلك.