انتقلت عبارة "منعاً للإحراج ... نعتذر عن قبول الإرفاد" من بطاقة دعوة الزواج إلى لوحات ذات حجم كبير على مداخل قصور الأفراح ومواقع استقبال المهنئين بالزواج بمنطقة الباحة هذا العام. وفي هذا الصدد يقول المهندس عطية الدوسي الزهراني: الملاحظ أنه مع تحسن المستوى المعيشي لكثير من الناس ونمو معدلات الدخل المادي لهم فقد انتفت حاجتهم لمثل هذه المساعدات المادية ولم يعد يشكل الزواج بالنسبة لهم مشروعاً شاقاً ولا طموحاً مرهقاً من الناحية المالية، والدليل أن الكثير من المقبلين على الزواج يتعمد المبالغة في بعض مظاهر الزواج الكمالية المباحة والمظاهر الكمالية المنبوذة شرعاً وعرفاً، ولذلك فهم يتحرجون من قبول هذه المساعدة التي صارت عرفاً في المجتمع من قديم الزمان لانتفاء الحاجة إليها وللخروج من حرج الالتزام بردها، والمنصف لموقف هؤلاء لا يلومهم على هذا الشعور، ولذلك أصبح أمراً مألوفاً أن نتلقى بطاقات الدعوة وقد ذيلت بعبارة "نعتذر عن قبول الرفد". ويضيف المهندس الزهراني قائلاً: صدقوني أنني كلما قرأت عبارة "نعتذر عن قبول الرفد" تخيلت خنجراً يطعن في خاصرة قيمنا الجميلة ومعولاً يهدم عاداتنا الحميدة وممارسة تورث حرماناً جائراً لفئة مستفيدة، ولا أعيب على المعتذرين بقدر ما أتمنى أن ترد بأسلوب آخر لا يسهم في اغتيال القيم ولا يمارس الجناية على الموروث". ويعرف عوض الزهراني هذه العادة فيقول هي "الرفد، والعانية، والبركة" وغيرها من الكلمات المعروفة والمألوفة ذات الدلالة نفسها والتي يقصد بها المساعدات المادية والمعنوية التي تقدم للمتزوج أو لوالده كمشاركة في مشروع الزواج بغض النظر عن عمر المتزوج أو عدد مرات زواجه أو عدد اللواتي على ذمته، أو مستواه الاجتماعي وحالته المادية، وهذه العادة عادة تعاونية جميلة وتجسد القيم الإسلامية التكافلية الرائعة، وهي ليست خاصة بمجتمعاتنا القبلية الشرقية فقط بل هي عادة معروفة في كثير من المجتمعات والبلدان الإسلامية حتى غير العربية منها مع الاختلاف في المسميات والآليات والكيفيات. أما عبدالعزيز علي فقال: قد يضطر البعض إلى عدم حضور مناسبات الزواج أو تجاهل تلك الدعوات حتى لو من قريب، وذلك ليس بسبب المسافة أو الظروف الاجتماعية أو حتى الصحية التي تحول دون حضوره للمناسبة وتلبية الدعوة، بل يرجع السبب إلى عدم قدرته على تقديم إعانة مالية للعريس أو ما يسمى ب"الرفد" فيفضل عدم الحضور على أن يضع نفسه في موقف حرج بحضور حفل الزواج وعدم تقديم الرفد، مشيراً إلى أن الكثير من أصحاب تلك المناسبات فضل عدم إحراج ضيوفه وعمد إلى كتابة عبارة "منعاً للإحراج ... نعتذر عن قبول الإرفاد" على بطاقة الدعوة، وآخرون عمدوا إلى وضعها في لوحة كبيرة وتعليقها في مدخل قاعة الاحتفالات تجنبا لإحراج المدعوين ممن لا تمكنهم ظروفهم من المشاركة بأي إعانة مالية، وحتى يستأنسوا بحضور أكبر عدد ممكن من الأهل والأصدقاء مطالباً بإعادة النظر في هذه العادة لا بإلغائها. ويؤكد الشاب سعيد الزهراني أن هذا التوجه جاء مسايراً لواقع هذا العصر والظروف المعيشية الصعبة لدى الكثير قائلاً "يجب إلغاء عادة الرفد فالأوضاع المادية للأفراد لم تعد كالسابق". ويضيف لقد فاقمت هذه العادة الاجتماعية الحمل على كاهل الكثير من الناس وخصوصاً أصحاب الدخل المحدود، موضحاً أن هناك حلولا للخروج من تفاقم كيفية ممارسة هذه العادة بما تفعله بعض الأسر والعائلات، حيث يكلف أحدهم بجمع المعونة وتسليمها للعريس قبل الزواج، والعريس بدوره يباشر إعداد حفل زواجه دون أن يدخل في نفق الديون وينتظر قدوم الرفد في ليلة زواجه. فيما يشير صالح أحمد إلى أن العريس قد استعد بكل تكاليف الزواج ولم ينتظر تلك المساعدات التي ستكون غدًا دينًا عليه، ويرى الكثير من الشباب أن هذه الأموال دين لا بد من إرجاعه، وهو يسعى إلى عدم أخذ هذه المساعدة مؤكداً أن كثيرا من العرسان يتحرجون من أخذ هذه المساعدات ويعتقدون أنها مجرد صدقة.