وصلتني رسالة من الأخ صالح يحيى الزهراني، يزف إليّ بشرى حصوله على درجة البكالوريوس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة - كلية الاقتصاد والإدارة - تخصص علوم إدارية. لا أخفيكم أنني فرحت له بهذا الإنجاز أيما فرح. لماذا ؟ لأن الأخ صالح بعد الاستماع لقصته، بالفعل كافح وتعب وتحدى كل الظروف وذلل الصعاب، واستمع وأصغى لكل النصائح من محبيه حتى حقق مراده، وفي مقدمة داعميه مدير عمله المباشر «قائد المدرسة» التي يعمل فيها سعيد الجلسي، الذي شجعه على إكمال تعليمه بعد أن وجد فيه الحماس وروح الشباب. فالأخ صالح بسبب ظروف الحياة، لم يسعفه حظه بأن يكمل تعليمه، درس حتى حصل على الابتدائية ثم دعته الظروف لأن يبحث عن عمل، فوجد القدر قاده ليعمل «حارس مدرسة» في جدة تاركاً منزله وأهله في مكة، ففرح بذلك لكي يوفر لنفسه ومن يعولهم لقمة العيش، وحينها تزوج ورزقه الله الأبناء. أسدى له «قائد المدرسة» نصيحة بإكمال تعليمه بقوله «يا صالح أنت مكانك مش حارس مكانك أعلى»،حينها قبل الرهان وتحدى نفسه، وعزم وتوكل على الله، وبدأ رحلة العودة لمقاعد الدراسة،جنباً إلى جنب عمله كحارس. أنجز واجتاز مراحل التعليم «المتوسطة ثم الثانوية واليوم يعلن تخرجه في الجامعة» ويطمح للاستمرار في التعليم حتى أعلى الشهادات وأنفعها، وهذا ليس مستحيلا لمن أراد ذلك، بالتوكل على الله وبذل الأسباب. إنجاز يستحق أن نشيد به، وندعو الجميع للاستفادة من هذه التجربة وأمثالها. صالح ما زال يعمل في مدرسته دَاوُدَ بن عروة الثقفي الابتدائية بجدة، «مراسلاً بعد أن كان حارساً»، ويطمح بعد حصوله على البكالوريوس أن يجد تثميناً وتحسيناً له في وظيفته تتواءم وشهادته الجديدة، مع ملاحظة أن لديه موهبة في الشعر والإنشاد. وعطفاً على ما ذكر، أتمنى أن ندعم مثل هؤلاء الشباب الطامحين، المكافحين الحاصلين على مؤهلات أعلى، بتسكينهم على وظائف ومراتب تتماشي وتتلاءم مع مؤهلاتهم الجديدة، تشجيعاً لهم وتحفيزاً للآخرين بإكمال تعليمهم. أخيراً وليس بآخر، فإن دور القائد الحاذق الناجح لأي عمل، لا يقتصر على العمل فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى الفراسة وبعد النظر، في اكتشاف القدرات والمواهب بين من يعملون معه وتشجيعهم ودعمهم.