مع زيادة وتيرة الإساءة للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وزيادة ردود الأفعال من بعض المتشددين الذين يمارسون أعمال عنف وقتل قد تتزايد في الفترة القادمة، الأمر الذي ينتج عنه المزيد من الرسومات والإساءات ثم ردود أفعال بتسلسل قد لا ينتهي، فإننا نحتاج إلى قطع هذه الوتيرة من خلال التأثير على الرسامين في الغرب، ومطالبتهم باحترام الأديان، وأن يراعوا وضع الأقليات التي عندهم كجانب أخلاقي، بالإضافة لتفعيل قانون منع ازدراء الأديان، والعمل على إبراز الجوانب المضيئة من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام في تلك البلدان، خاصة فرنسا. أما المتشددون فيحتاج الأمر إلى معرفة الطريقة الشرعية المثلى في التعامل مع مثل هذه الحالات، إذ يجب أن نفرق بين من يشتم النبي عليه الصلاة والسلام في بلد غير مسلم، وبين من يشتمه في بلد إسلامي أو بلد له عقد أمان أو ذمة، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يرسل لمن يشتمه في مكة قبل فتحها من يقتله، أو يسيئ إليه من أهل الكفر مثل زوجة «أبي لهب» التى كانت تسبه، ولم يرسل لها من يقتلها، وكذلك عموم المشركين في مكة، فإنهم كانوا يشتمون النبي عليه الصلاة والسلام، ولم يرسل لهم من يتسلل إلى داخل مكة ويقتل الساب منهم، وحتى البلاد التي فُتحت، وأقرت بيد أصحابها من اليهود مثل خيبر، فإنه لم يكن يتتبع من يسبه بها ويقتله مع أنه من المستبعد ألا يوجد من يسبه منهم بها، فالبلد إذا لم يسيطر عليه المسلمون وشتم أحدهم النبي عليه الصلاة والسلام، فلا يجب على المسلمين قتل من شتم، ولا الإضرار بالداخل فيها، وإذا فتحت هذه البلدان أبوابها للمسلمين واستضافتهم، فإن القتل يستبعد أكثر وأكثر، ويجب أن ننظر للمسألة من كل الجوانب، فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يقتل المنافقين حتى لا يقال إن محمدا يقتل أصحابه، انتصارا للدين، وهذا مع منافق، فكيف بقتل رسام بصور عبثية قد يترتب عليه تضييق على ملايين المسلمين أو تتضرر الدعوة في تلك البلدان، ولم يقتل النبي عليه الصلاة والسلام لبيد بن الأعصم الذي سحره، ولم يقتله أحد من أصحابه، وكذلك لم يقل أحد من أهل العلم قديما لمن يريد الاقتصار عليهم - إن الحربي الذي يشتم النبي في دار الكفر يجب التسلل إليه في دار الكفر وقتله أو قتل آخرين منهم، وإنما كانوا يجعلون هذا ناقضا لعقد الأمان أو الذمة فقط. وأما الاستدلال بقصة كعب بن الأشرف وعبدالله بن أبي السرح وابن صبابة أن النبي أرسل لهم من يقتلهم، فهؤلاء كانوا في المدينة، ولم يكونوا مقيمين في مكة، أي أنهم شتموا النبي عليه الصلاة والسلام في بلد يسيطر عليه مسلمون، ناهيكم عن أن بعضهم قد غدر بالعهد، وحرضوا على القتل وارتكبوا جرائم قتل، كما فعل ابن صبابة، وليس لمجرد هجاء ببيتين من الشعر عرضية بطريقة عبثية، فنشر مثل هذا التأصيل لا يقل أهمية عن نشر الجوانب الإنسانية من حياة الرسول السابق ذكرها.