تعد المحكمة العليا الأمريكية (Supreme Court) والتي مقرها في العاصمة الاتحادية الأمريكيةواشنطن دي سي، أرفع وأقوى سلطة قضائية ودستورية في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ويتكون عدد قضاتها من 9 تسعة قضاة يمثلون ائتلافا وتناقضا سياسيا واجتماعيا أمريكيا، يتمحور بين اليمين الأمريكي المتشدد وبين اليسار الأمريكي الاشتراكي، الذي يدافع عن حقوق وحرية الأقليات العرقية في المجتمع الأمريكي، وحسب بنود الدستور الأمريكي فإن قضاة المحكمة العليا الأمريكية يتم ترشيحهم من قبل الرئيس الأمريكي سواء أكانوا من الحزب الجمهوري أو الديمقراطي، ثم بعد ذلك تتم الموافقة على تعيينهم من قبل اللجان القانونية والقضائية في الكونجرس الأمريكي الاتحادي في العاصمة (مجلس الشيوخ ومجلس النواب)، ولا تستطيع بعد ذلك أي هيئة أو سلطة تنفيذية أو تشريعية في الولاياتالمتحدة إقالتهم أو فصلهم من مناصبهم حتى الوفاة، أو بالاستقالة الذاتية من قبل القضاة أنفسهم وتصدر قرارات المحكمة العليا بأغلبية القضاة. وقد شغل عدد من النساء الأمريكيات مناصب قضائية في المحكمة العليا، ومن شروط تعيين القضاة فيها أن يكونوا من حملة المؤهلات العليا في القانون كشهادة الدكتوراه وسبق لهم العمل لسنوات أقل مستوى في أمريكا. في عام 1993 أحدث الرئيس الأمريكي الأسبق من الحزب الديمقراطي اليساري (بل كلينتون) ثورة قانونية في المحكمة العليا، حينما قام بترشيح القاضية الأمريكية اليهودية اليسارية الاشتراكية رووتا جينس برغ في المحكمة العليا الأمريكية لمنصب شاغر، وهي تحمل شهادات عليا في القانون، ووافق الكونجرس الأمريكي على تعيينها بالإجماع. كان هدف كلينتون إحداث اختراق قانوني في المحكمة العليا الأمريكية لأن أغلب قضاة المحكمة العليا في ذلك التاريخ يمثلون اليمين الأمريكي المتشدد الموالي للحزب الجمهوري، وأحدثت القاضية رووتا جينس برغ حراكاً وتحولاً إستراتيجيا داخل ردهات وقرارات المحكمة العليا، فقد أيدت حقوق الأقليات العرقية داخل أمريكا مثل الزنوج الأمريكيين السود ذوي الأصول الإفريقية، والأمريكيين القادمين أصلا من دول أمريكا الجنوبية متحدثي الإسبانية، وحقوق الأقليات الدينية الأمريكية بمن فيهم المسلمين الذين يبلغ تعدادهم حوالي 7 ملايين نسمة، ومن ضمنهم 4 أربعة ملايين أمريكي مسلم من الزنوج الأفارقة، جماعة بطل الملاكمة العالمي الراحل محمد علي كلاي، ولاعب كرة السلة الشهير عبدالكريم عبدالجبار، وزعيم الحقوق المدنية الراحل مالكوم إكس (الحاج مالك الشاباز)، ومن أبرز القضايا الاجتماعية الحساسة داخل أمريكا التي تعاملت معها القاضية جينس بيرغ قضية الإجهاض للنساء والبنات الأمريكيات، ومنحت عددا من الحقوق للنساء الأمريكيات في حرية الاختيار الذاتي للإجهاض. وقبل أسابيع قليلة توفيت القاضية الأمريكية اليسارية الإشتراكية جينس بيرغ التي ولدت في أمريكا عام 1933 وتخرجت من جامعة كولومبيا الشهيرة في القانون. وفي سنة 1988 رشح الرئيس الأمريكي الراحل من الحزب الجمهوري رونالد ريجان، القاضي الأمريكي اليميني المتشدد والمؤيد للحزب الجمهوري أنتونيو سآلايي لمنصب شاغر في المحكمة العليا الأمريكية بعد موافقة الكونجرس الأمريكي على تعيينه، وهذا القاضي من أصول أمريكية إيطالية، ومن بين القضاة التسعة في المحكمة العليا الأمريكية، يوجد قاض واحد من أصول زنجية إفريقية. ومن أبرز القضايا التي تضطلع بها المحكمة العليا الأمريكية قضايا أحكام الإعدام ضد المتهمين بجرائم القتل، حيث تطبق أغلب الولايات الخمسين في الاتحاد الأمريكي عقوبة الإعدام بعد صدورها من المحاكم، ويحاول عدد من المحامين والقانونيين وجلهم من اليساريين الاشتراكيين وقف تنفيذ أحكام الإعدام، عبر التعامل مع المحكمة العليا الأمريكية في واشنطن، بحجة أن المحكوم عليهم بالإعدام من المظلومين أو الفقراء أو الزنوج الأمريكيين السود أو من أصول مكسيكية من متحدثي الإسبانية. وتضطلع هذه المحكمة بقضايا سياسية حساسة سواء على صعيد السياسة الداخلية الأمريكية أو الدولية الخارجية، وأحكام وقرارات المحكمة العليا الأمريكية وبقية المحاكم الأمريكية تطبق وتنفذ على جميع الناس داخل حدود الولاياتالمتحدة سواء كانوا من حملة الجنسية الأمريكية أو من الأجانب. في سنة 2000 م انغمست المحكمة العليا الأمريكية في مستنقع حسم نتائج انتخابات ولاية فلوريدا الهامة في انتخابات الرئاسة الأمريكية، بين مرشح الحزب الجمهوري جورج دبليو بوش ومرشح الحزب الديمقراطي آل جور، والذي شغل سابقاً منصب نائب الرئيس الديمقراطي بل كلينتون، وحسمت المحكمة الصراع السياسي الانتخابي لصالح جورج دبليو بوش ومنحته غالبية أصوات ولاية فلوريداالأمريكية، ولذلك حقق الفوز برئاسة أمريكا، ويعتقد الحزب الديمقراطي المعارض أن قرار المحكمة العليا الأمريكية بهذا الصدد كان جائراً وغير عادل في قضية أصوات ولاية فلوريدا.