إنه «الحلم الأميركي» مرة أخرى. الحلم الذي أوصل نيل أرمسترونغ إلى القمر وباراك أوباما إلى الرئاسة، حمل أمس القاضي في الاستئناف سونيا سوتومايور الآتية من أحياء نيويورك الفقيرة والجذور اللاتينية المتواضعة إلى المنصة القانونية الأرفع في الولاياتالمتحدة بتسميتها قاضيا في المحكمة العليا خلفاً للجمهوري ديفيد سوتر. المشهد من البيت الأبيض حيث أعلن أوباما اختياره، وبرفقته نائبه جوزيف بايدن والقاضي سوتومايور، عكس صورة «أميركا الجديدة» بتعدديتها، كون سوتومايور أول قاض من أصل لاتيني (بورتوريكو) وثالث امرأة تصل إلى هذا المنصب. وإذ أشاد أوباما برصيد القاضي ومؤهلاتها القانونية من المحاماة إلى القضاء إلى حين تعيينها قاضيا في الاستئناف في 1998، برزت السيرة الذاتية للمرشحة ورحلتها الاستثنائية في المعترك العائلي والقانوني. فعلى عكس معظم القضاة الذين جاؤوا من خلفية أنغلوساكسونية (بيضاء) ومن نخبة تعليمية وعائلية، تعود سوتومايور (54 عاماً) الى أحياء برونكس الجنوبية في نيويورك، أحد معاقل ذوي الدخل المحدود، إذ انتقلت عائلتها إلى الحي من بورتوريكو قبل أن يتوفى والدها العامل، وهي في سن التاسعة، وتأخذ والدتها الممرضة على عاتقها إعالة أطفالها. وتمكنت سوتومايور بعد تخرجها من المدارس الحكومية من الفوز بمنحتين دراسيتين في جامعتي برينتسون ويال، حيث درست القانون وانطلقت في مهنتها القانونية. وستصبح سوتومايور بعد موافقة الكونغرس المرجحة على تعيينها، أول أميركية من أصل لاتيني بين أعضاء المحكمة العليا التسعة، لتلحق بأول أميركي أسود وصل إلى المحكمة في 1967. والأقلية اللاتينية بين الأقليات الأسرع نمواً والأكثر تأثيراً اليوم في الحياة السياسية والاجتماعية الأميركية، إذ تشكل نحو 15.1 في المئة وتعتبر من الكتل الانتخابية الأكبر في الولاياتالمتحدة، وتميل في غالبيتها الى الحزب الديموقراطي. وستساعد هذه الميزات سوتومايور في نيل ثقة الكونغرس، رغم تحفظات اليمين المتشدد عن خلفيتها أو قرارات قضائية غير محافظة صوتت لها المرشحة. وتعتبر المحكمة العليا السلطة القانونية الأعلى في البلاد، إذ يعود إليها تفسير الدستور، ويتم التوجه إلى أعضائها في حال وجود شكوك في قانونية تشريعات ما أو جدل يتعلق بالرئيس أو بمسائل محلية. ولا يمكن نقض قراراتها إلا بواسطة تعديل دستوري. ويعين قضاتها مدى الحياة. ويشكل تعيين سوتومايور فرصة للديموقراطيين لتحقيق بعض التوازن في هيكلية المحكمة التي تضم عدداً أكبر من الجمهوريين كان عين اثنين منهم الرئيس السابق جورج بوش، وهما صاموئيل أليتو وجون روبرتس. ويتطلع الديموقراطيون الى تقليص الفارق أو حيازة الأكثرية في حال خروج مزيد من القضاة في السنوات المقبلة.