"وجهها نذير شؤم"، "كان الحظ سيبتسم لي لو لم أتعرف عليها"، "دخلت مع الباب ودخل نذير الشؤم من الشباك ".. عبارات متشائمة يرددها البعض، وهؤلاء يربطون المصائب التي تحل بهم بارتباطهم بشخص ما أو مرافقتهم له، وهم بذلك يسقطون فشلهم ويعلقونه على الآخرين. ومن بين من تعرضت لمثل هذا الموقف رفعة الفرحان التي تقول: "منذ أول شهر لزواجي أصبحت أم زوجي تطلق العبارات الجارحة علي ، مثل "وجه النحس، أم المصائب،.." وغيرها من الأوصاف التي توحي بأني نذير شؤم على العائلة". وعن السبب في ذلك قالت بأسى: "في ليلة زفافي توفيت أخت زوجي وزوجها وأبناؤها الثلاثة في حادث سير وهم في طريقهم إلى حفل الزفاف، وبالطبع لم يكن لي حول ولا قوة بالكارثة التي حلت على عائلة زوجي، ومنذ تلك اللحظة ونظرات اللوم والعتب تطاردني، إلى درجة أنني بدأت في تصديق تلك الأوهام والخزعبلات العارية من المنطق والصحة". وتابعت قائلة: "لم أكن أرغب في ترك زوجي إلى لحظة واجهتني والدته بكلمات حادة ومباشرة حيث قالت لي:"من يوم قدومك للمنزل ما شفنا خير..أنتي وجهك وجه شر على العائلة يا وجه البوم" ، وتابعت "عندها لم أتمالك نفسي وعلى الفور طلبت الطلاق". من الحالات السابقة يتضح بأن هناك من يحمّل مسؤولية فشله وما يحدث له على الآخرين، فتكون الوجوه كالشماعة التي تتعلق عليها مصائب الآخرين بدون وجه حق، فهل يكون هذا السلوك من منطلق الهروب من المسؤولية؟، ولماذا يسقط البعض أخطاءه ويربطها بالآخرين؟، وماهي الأضرار المصاحبة لتلك الإسقاطات غير المنطقية على الفرد والمجتمع؟. ويعتقد المواطن محمد الصقري أن بعض الأشخاص يجلبون الحظ والسعادة بقدومهم، بينما ترتبط المصائب بقدوم أشخاص آخرين"، ويضيف " تعرفت على صديق لي في العمل، ومنذ اللحظة الأولى التي عرفته فيها أصبحت المصائب تنهال علي من كل جانب، وتعثرت جميع مشاريعي، وهمس إلي أحد الأصدقاء بأن السبب في ذلك هو صاحبي الجديد فهو كما يقول عنه الآخرون "وجهه يقطع الرزق". في حين ترفض الطالبة الجامعية شوق الضويحي ربط الأشخاص بالمصائب والفأل السيئ، وتعتبر ذلك من الإسقاطات السيئة التي يبرر بها بعض الأشخاص فشلهم، وتضيف الضويحي قائلة: "لا يمكننا أن ننكر بأن هناك أشخاصا بشوشين ومبهجين، وقد نعتقد بأن الفرح يصاحبهم أينما حلو وكانوا، وفي المقابل يوجد أناس لا نشعر بالبهجة والفرح ونحن برفقتهم، ولكن هذا لا يعني أن تكون المصائب معلقة على وجوه بعض البشر فما يقع للإنسان منها إنما ذلك شيء مقدر، ولا دخل للغير بهذه المصائب أو غيرها". وتعلق اختصاصية علم الاجتماع مطيعة الغامدي قائلة "لا يزال المجتمع يؤمن بتلك الأوهام التي لاحقيقة لها، وتعد ضربا من الخيال، حيث يعمد بعض من الأفراد إلى ربط الصدف والمواقف بالأشخاص، خاصة في حال تكرر الموقف المفرح أو السيئ بقدوم شخص". وعن أضرار تلك الإسقاطات على العلاقات الإنسانية تقول: "مما لا شك فيه أن الضرر واقع لا محالة سواء على الفرد أو المجتمع الذي يتضرر بتضرر أفراده، ويتبلور ذلك في التأثير على العلاقات الإنسانية بين الأصدقاء والمعارف، خاصة إذا ما كانت تلك المواقف التي يتم ربطها بالشخص مواقف سلبية". ومن زاوية أخرى نصحت اختصاصية الإرشاد النفسي مريم العنزي بعدم الإفراط في تلك الأوهام، حتى لا يتجاوز الضرر المحيطين بالشخص، ويؤثر سلبا على نفسية الشخوص الذين ربط البعض بهم تلك المواقف السيئة في حال تسرب إليهم الخبر". وترى العنزي أن تلك المواقف والمشاهد التي تتكرر على الفرد ويربطها بفرد آخر ما هي إلا من باب الصدف، ولا يجوز اتخاذها قاعدة عريضة يسير عليها طوال حياته، وتضيف "لعل الجانب الحقيقي في الموضوع هو عندما يربط فرد الفرح والبشاشة بشخص أو صديق، وهذا مرجعه للفروق الفردية بين الأشخاص، فالبعض منهم يريحك في التحدث، ويتمتع بقدر كاف من التفاؤل والبشاشة، بل أن إيماءات وجهه توحي بهذا الجو المبهج، والبعض الآخر يتصف بمشاعر الحزن والأسى، ولا يرغب الأشخاص بوجوده، أو التعرف عليه، لأنه دائما ما يبعث إشارات سلبية للآخرين، والأمر لا يعدو كونها مشاعر فردية لا يمكن لنا بأي حال من الأحوال أن نجعلها شماعة للفأل السيئ أو المفرح".