الحوار ضرورة بين البشر للتفاهم، فبعضه يأتي فطريا ويختلف الناس فيه كفروق فردية، وبعضه الآخر مكتسب؛ وهو الذي أعنيه في مقالي هذا. وللحوار آداب من أهمها الإخلاص لله تعالى، والابتعاد عن التعصب، مع الرفق واللين، ولا بد من حسن الاستماع، مع حسن الظن؛ حتى يحسن الفهم والتفاهم. والهدف قصد الحق وتحصيل الحقيقة، ولا يلزم أن يكون الحق معك فقد يكون معه، وهو كذلك يجب ألا يجزم بأن الحق معه فقد يكون معك، وحتى لو لم يتفق المتحاوران فلا بد أن يتوافقا على حق الطرفين في اختلاف الرأي. ولذا علينا تربية النشء على فن الحوار، والإنصات للآخرين، وتقبل الرأي الآخر باحترام، حتى لو لم تقتنع به، فلك رأيك وله رأيه، وهذه سنة الله الكونية في الاختلاف. ومن الملاحظ أن الإنسان كلما ازداد عمره وعلمه يزداد معه إنصاته للآخر وتقديره للاختلاف وثقته بنفسه وسهولة تغيير رأيه بلا مكابرة. والعكس بعكسه، بحيث إن الصغير والمراهق والجاهل هو الذي يقاطعك ويرفع صوته عليك، وهو لم يفهم كلامك أصلاً فضلاً عن أن يتأمله، ناهيك عن أن يملك الشجاعة على تغيير قناعته. وهذا واضح في الحوار المباشر وجهاً لوجه، وشبه المباشر عبر الفيديو كالقنوات الفضائية والمكالمات المرئية، وغير المباشر كالكتابة الحوارية في مواقع وبرامج التواصل. فالأدب والعلم والشجاعة تتجلى في كل حوار، ولا سيما في نهاياته ومخرجاته.