لا تزال جائحة «فيروس كورونا الجديد» ترمي بثقلها البغيض على كافة المستويات، رغم الجهود العظيمة التي تبذلها الحكومة للتصدي لها، إلا أن كثيراً من هذا الثقل الذي يتحمله كاهل الوطن يلقي بآثاره على كل فرد داخله، بدءاً من المنع الذي اكتنفته مشاعر الخوف من فقدان الأحبة وانتهاء بالعودة بحذر واحترازات وتدابير الوقاية من وزارة الصحة التي تمثل طوق النجاة وبر الأمان. في غضون تلك الفترة والفترة القادمة أيضاً ظهرت ولا زالت لدينا تساؤلات حول ميدان آخر لا يقل أهمية، التعليم الذي واجه تحدياً هو الآخر لا يقل عن ميدان الصحة في التحدي والمواجهة، توازياً في العمل والمهام وتقاطعاً في نقطة واحدة، هي خدمة هذا الوطن العزيز، ولا شك أن الجميع قد عاش هذه المرحلة المختلفة من التعليم والتي تتعرض لها المملكة بل والعالم أجمع، بُذلت فيها الجهود وتكاتفت الأيدي لإتمام مسيرة العام الدراسي بتوفير وتسهيل جميع الإمكانيات لتحقيق أهداف التعليم وهو ما نرجوه، ونستطيعه أيضاً. إذ إن الظرف التقليدي للتعليم لم يعد كما كان، بل طرأت عليه تغيرات هذه المرحلة الحرجة وأصبح تقنياً بنسبة 100 %، لم يعد وجود المعلم والصف والأقران بشكل حقيقي يسهل عملية التعلم ويحقق أهدافها المحددة، بل أصبحت الجهود غير مباشرة لكنها تسعى بكل ما أوتيت من قوة إلى مجاراة التعليم الواقعي، واستحضار تعليم افتراضي لكل عناصر المنهج عبر الشاشات الصغيرة، لتنمية معارف ومهارات الطلبة على اختلاف مراحلهم الدراسية، سواء في التعليم العام أو الجامعي، وإن كان التعليم الجامعي الأفضل تجربة في هذا المضمار الافتراضي لأسبقيته في البيئات الإلكترونية ولتقدم المرحلة العمرية لطلابه، التي تتسم بالنضج وتحمل مسؤولية الذات بما فيها إتمام التعلم على وجهه الصحيح، حيث بالمقابل لم تكن لدى التعليم العام هذه السمات نفسها من المرحلة، فصغر السن يحتم على ذوي الطلبة تحمل عبء مختلف كماً وكيفاً في التعلم خلال هذه الفترة الزمنية الاستثنائية، هذا العبء الذي غيّر دور ولي الأمر إلى نحو أكثر فاعلية ونوعية، حيث أصبح المسؤول المباشر عن تعلم أبنائه أو من هم تحت مسؤوليته، لذا فهو أشبه بالمعلم المساعد الذي تقع عليه مهام الإشراف والمتابعة الدقيقة والدعم المستمر وتيسير إتمام عملية التعلم داخل البيت، لذا ينبغي على أولياء الأمور تغيير النظرة السابقة نحو كفاية تحقق التعليم باقتصاره على البيئة المدرسية والاستناد التام عليها في تعلم الأبناء، إذ ظهر دور جديد ومختلف لأولياء الأمور، يتناسب وهذه الظروف. لكن ومن باب التفاؤل تجاه هذا التغير في التحمل الكامل لمسؤولية تعليم الأبناء، فالجيل الحالي لأولياء الأمور تكاد تنعدم فيه الأمية بكلا نوعيها، وهو ذو مستوى عالٍ من الوعي الكافي لتحمل هذه الأزمة التي ستفرج بإذن الله، والتي ستعتمد التدرج وبما يحقق أهداف التعليم، حسبما صدر من وزارة التعليم حول العام الدراسي المقبل، والذي سيتسم بمستويات متدرجة لإمكانية التعليم المباشر أو الإلكتروني حسب النطاق الصحي لكل منطقة، مما يستدعي مزيدا من الجهود نحو خلق فرص تعليم متميزة من قبل الوزارة لأبنائنا من الطلاب والطالبات، إلى جانب الدعم والمتابعة المستمرة والمثمرة من أولياء الأمور. ختاماً لا أبالغ بالتأكيد على أن اجتياز وتفوق الطلاب والطالبات في الوقت الراهن مرتبط بالدور الكبير الذي يلعبه ولي الأمر، لذا فاضطلاعه بهذه المهمة العظيمة يجعله أكثر تأثيراً من أي وقت مضى إما منحاً للنجاح أو منعاً منه.