قضية الكادر الهندسي السعودي، عاشها المهندسون سنوات عدة وشاركهم فيها المجتمع السعودي للدفاع عنهم عبر وسائل الإعلام المختلفة. الكادر الهندسي لا يخص المهندسين أنفسهم فقط فالمجتمع السعودي له ارتباط مباشر أو غير مباشر بأعمال المهندسين وإنجازاتهم. فكلما كان المهندسون السعوديون ذوي خبرة ومهارة وإنجاز في تنفيذ الأعمال سواء الخاصة بالأفراد أو الحكومة فإن ذلك سوف يعود بإيجابية على حياة المجتمع السعودي ورفاهيته، والعكس صحيح. الدولة قامت خلال السنوات الماضية بضخ مئات المليارات في تنفيذ المشاريع التنموية في كافة القطاعات الحكومية، وقد واجهت القطاعات الحكومية مشكلة في الإشراف ومتابعة المشاريع التابعة لها لعدم وجود عدد كاف من المهندسين للإشراف على تلك المشاريع، فأوكلت مهام الإشراف إلى المكاتب الاستشارية والتي بدورها تقوم باستقدام مهندسين من خارج المملكة للتعاقد معهم على مبالغ تتجاوز أضعاف راتب المهندس السعودي في القطاع الحكومي، حتى أصبح عدد المهندسين الوافدين بالمملكة ما يقرب من 140 ألف مهندس، هؤلاء المهندسون جزء منهم يعمل في مهام الإشراف على المقاولين كمكتب استشاري يمثل الجهة الحكومية والجزء الآخر يعمل كمهندس تابع للمقاول المنفذ للمشروع التابع للجهة الحكومية؛ وبالتالي فإن المهندسين المشرفين على مشاريع الحكومة والمنفذين لها هم مهندسون وافدون. ولكن أين المهندس السعودي من هذه العملية؟. في كل جهة حكوميه تجد عدد اثنين أو ثلاثة مهندسين يتابعون الإشراف على المكاتب الاستشارية والمقاول المنفذ للمشروع، فكل مهندس يتابع عدة مشاريع في وقت واحد ومع الأسف راتبه لا يتجاوز نصف راتب المهندس المقيم. الكل يسأل لماذا لا يقوم المهندسون السعوديون بالإشراف على مشاريع الدولة مباشرة؟ الجواب هناك مهندسون سعوديون كانوا يعملون في القطاع الحكومي خبراء وذوو كفاء عالية وتعلم على أيديهم هؤلاء المهندسون الوافدون، ولكن نظام الخدمة المدنية لا يفرق بين مهندس محترف وموظف ربما لا يحمل شهادة الابتدائية، فإذا كنتم على نفس المرتبة والدرجة تتقاضون نفس الراتب، وهذا ما جعل المهندسين السعوديين يعزفون عن العمل في القطاع الحكومي لعدم قدرتهم على تلبية احتياجاتهم الأساسية في ظل رواتب وحوافز ضعيفة. كثرة المشاريع الحكومية وقلة عدد المهندسين السعوديين ولد ما يسمى بالمشاريع المتعثرة في القطاع الحكومي. نحن لسنا بحاجة إلى هيئة مكافحة الفساد أو الرقابة أو أي جهة أخرى لمتابعة تنفيذ المشاريع. المشكلة تكمن في أن المهندسين المشرفين تنقصهم أشياء كثيرة ترضي تطلعاتهم، لا بد أن تكون وظيفة المهندس في القطاع الحكومي ذات ميزات عالية ومغرية. أتمنى من أصحاب القرار سرعة اعتماد الكادر الهندسي للحفاظ على ما تبقى من المهندسين في القطاع الحكومي.