حدثني أحدهم، من بلاد المغرب العربي، أنه أوشك على الانتهاء من إتمام مكتبة أبنائه الصغار، فهو وعدهم بأن ينشئ لهم رفوفاً صغيرة في غرفتهم لتحمل بعض الكتب القيمة جزاء لإبداعهم وتكريساً لجهودهم.. ابتسمت لمروءته مع أبنائه، فهو لم ينس مكافأتهم، بل خلدها في ذاكرته وكانت تشغله دائما بين الفينة والأخرى. والجميل فيها أنها كتب مختارة من بحور الأدب واللغة ولكنها منمقة ومبسطة ومناسبة لفكرهم حتى يتعايشوا معها ويستفيدوا من ثرواتها، فكانت فكرة سديدة من ذلك الأب الحنون على أبنائه الذي جعل ولع القراءة يستشري في عقولهم، فكان دائماً ما يخبرهم بقيمتها ونوعيتها وأنها ستبقى هي ضمانهم في هذه الحياة. فتلك المعايير التي حدثني عنها صديقي المغربي أحببت أن أنقلها حتى نستفيد ونقربّ أبناءنا من حب القراءة وارتياد المكتبات لاصطياد الفرائد والروائع من التجارب والحكايا والإنتاجات الجديدة. فمنها سيكبر شأنهم ويعظم حالهم ويصبحون روادا وعباقرة وأفذاذا يستقي من يأتي بعدهم من أفكارهم ونجاحاتهم، لأنهم عاشوا وترعرعوا على حب الكتب وتنمية أرواحهم وعقولهم من خلالها. فالكتب قبل كل شيء عمارة للإنسان وبناء للشعوب، فلو عرفنا قيمتها جيدا وتناسينا بعض الكماليات الطارئة قليلاً وجعلناها بدلاً عنها لرأينا مدى أحقيتها في حياتنا.