كل صغير سيكبر، وكل جرح سيبرأ، وكل نزف سيتوقف، لن يستمر أمر ما إلى ما لا نهاية، عظمة الله تتجلى في الحوادث حولنا، فيُجري عظيم الأمور لتنجلي دقائقها، وكلما استغلقت الحوادث زاد قرب فَرَجها، لم يعد في هذه الدنيَا أمر يستحق العناء والتفكير المنهك، تجري الأمور على غير العادة، وتتضح التباشير في عجاج المحن والكوارث، تتطاول عليك المصاعب حتى ينهكك العسر، وتبكي فاقدا وحزينا، ثم ما تلبث ساعة أو ضحاها حتى يسوق لك الله التباشير، تجري إليك كما يجري الغمام إلى النبات ليرويه. المتبصر في هذا الكون والمتأمل يرى العجائب والغرائب، فهذا إنسان ظالم، وذاك جاحد كافر، وذاك متشدد يرمي على الناس الأحكام جزافا، فيرسل هذا إلى جهنم ويبعث بذاك إلى الجنة، ويُعلي ذاك ويدني من قدر هذا، من أنت لتقوم بتصنيف النّاس؟!. يا لله العجب، يظلم ويقذف ويخوض بكل بجاحة في عرض هذا، ويركع ركعات مدعي الإيمان والتُّقى، ونسي أن الله جعل حقوق البشر خطوطا لا يجوز أن نتجاوزها بأي حال من الأحوال. نمضي في هذه الدُنيَا دون أن نلتف إلى صغائر الأمور، ونعلم علم اليقين أن الدُنيا ستدور دورانا مرعبا، وما فعلته بالأمس سيأتيك وبالقوة نفسها ولن ينفع ما قدمت، ولن ينفع الاعتذار وتقديم سطور من الأسف، ما فائدة الأسف وقد خلقت من السوء عالما سُجِنت فيه من ظلمت، ثم تقدم كلمة «آسف»، ثلاثة أحرف لِتُرمم ما هدمت، أو تداوي جرحا مزق ثقة بريئة، بعض الجروح نموت معها ونحن أحياء، ونتشبث بالنجاة منها بضحكة نسمعها فقط لنعود للحياة. ما أقسى ما يفعله البشر بعضهم ببعض، ما أبشع تلك الوجوه التي لا يستنطقها الحق. ختاما، لا بد أن يطال الظالم من ظلمه شيءٌ كثير، وتلك حقيقة وأمر واقع لا فكاك منه، يؤكده قول الله تعالى: «وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَٰؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا» الزمر51.