حديث وزير المالية حول ترشيد الإنفاق والمصاعب المادية التي سنواجهها مستقبلاً بعد ما جرته جائحة كورونا على الاقتصاد، ذكرني بأن ميزانية التعليم السعودي - وهي واحدة من أعلى الميزانيات في العالم- هي الأقل إنفاقاً على الطالب من دول أخرى نسبياً ميزانياتها ليست أكثر من ميزانيتنا للتعليم، حيث تبلغ تكلفة الإنفاق على الطالب السعودي 25 ألف ريال حسب تقرير وزارة التعليم لعام 2018، بينما الطلاب في دول OECD 35 ألف ريال، وفي أمريكا يكلف الطالب حوالي 45 ألف ريال. في الحقيقة، سبب ذلك أن الميزانية يذهب 80 % منها للرواتب، لذا كل الباحثين والمهتمين بالتعليم السعودي يوصون بحل مشكلة الميزانية ومعالجة الهدر فيها، حتى نسمح لها بزيادة الإنفاق على الطالب وفصله وبيئته التعليمية، لنساعد المعلم على أداء مهمته. لكن ما حدث أن الدكتور حمد آل الشيخ قرر العام الماضي بناءً على توصية من اللجنة التي أشرفت على تعديلات لائحة المعلمين نقل جميع المشرفين التربويين إلى رتبة معلم متقدم، دون النظر إلى مؤهلاتهم العلمية العليا.. دكتوراه وماجستير، وهي التي من المفترض أن تحدد من هو المعلم المتقدم! بالإضافة إلى هذا التجاوز تم منحهم بدلاً لعملهم بالإشراف بقيمة 500 ريال، هذه المنحة أو الهبة من الوزير ستكلف ميزانية الوزارة الكثير، ولا أعرف حقاً كيف ستوفر ميزانية الوزارة متطلبات هذا الكرم الحاتمي لموظفين يصل عددهم إلى ما يزيد على 20 ألفاً يحملون مسمى وظيفي (معلم)، ويحصلون على الزيادة المقررة للمعلمين والتي تجعل رواتبهم تزيد على باقي موظفي الدولة على الرغم من أنهم لا يقومون بعمل معلم؟! معظم الدول تخلصت من هذا الجهاز وأعادت منسوبيه للمدارس، بعد أن اكتشفت أن كل المهام - وهي بالمناسبة 22 مهمة - يمكن أداؤها دون تكلفة تشغيل عشرين ألف شخص، والصرف على مبانٍ وإداريين يساعدونهم!هذه ال 22 مهمة وربما أقل سأناقشها في مقال آخر، لكن أود التنويه بأن قرار الوزير سيطبق في الأول من يوليو المقبل، ونحن في قمة هذه الأزمة، فهل من تراجع؟